للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خير أمة مجتمعة على مذهب مالك أم أمة قد زيد في تفريقها، حتى ضلت مستقيم طريقها.

والحامل الثاني على عدم ادعائه الاجتهاد هو أنه يرى أن أهل إفريقية لا ينزعون عن مذهب مالك كلفهم ذلك ما كلفهم، فقد رأى رأي العين ما بذلته الدولة الفاطمة من جهود وما قامت به من حملات إرهاب قصد تحويل الأفارقة عن السنة واتباع مذهب مالك فلم يجْدِ ذلك نفعاً، فبعد حملة دامت قرابة قرن ونصف تبخرت أعمال الفاطميين وآمالهم على يد المعز بن باديس الصنهاجي بمجرد رفضه لتعاليم الشيعة.

وهذا من المازري يدل على أنه من ذوي الخبرة بالدراسة النفسية حيث إنه لم يقدم على عمل يعلم سلفاً أنه لا ينجح. وما ظهر في زمن المازري ظهر في زمن غيره إذ أن الدولة الموحدية أرادت صرف الناس عن المذهب المالكي وصدهم عنه، حتى أنها أحرقت كتبه ولكن بآخرة رجع الأفارقة والمغاربة إلى مذهب مالك وكانت تلك المدرسة الفقهية المالكية الشهيرة التي يتزعمها ابن عبد السلام وابن عرفة.

والحامل الثالث على عدم ادعاء المازري الاجتهاد هو أنه وجد في المذهب المالكي ما تمكن به من إبداء الكثير من آرائه في هذا المذهب حتى عدّ مجتهداً فيه، ولذلك خصه خليل بالقول فيه كما تقدم نقله عن مختصره، فهو أحد الأركان الذين هذبوا المذهب المالكي في نطاق أصوله في دون خروج عن أصول المذهب مما جعل قلوب المؤلفين في المذهب المالكي تتقبل بصدر رحب آراءه وتدونها ضمن المذهب.

وهذا من حنكته وبعد نظره إذ استطاع أن يبث أفكاره دون جلبة، وادعاءات كما هو شأن الكثير.

واسمحوا لي أن أنتقد المقري الجد فأقول: ماذا صنع هذا المنتقد بالنسبة للمازري في الفقه مع تلك الحملة على أهل قرطبة ومن لف لفهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>