للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مالك يا أبا قتادة؟ فأخبرته، فقال رجل: صدق يا رسول الله السَّلب عندي فأَرْضِه من حقه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لآهَا الله إذًا لا يَعمِد إلى أسد من أُسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبَه فقال - صلى الله عليه وسلم - صدق فَأعطه إيَّاه فأعطاني" الحديث (ص ١٣٧٠).

قال الشّيخ وفّقه الله: اختلف الناس في السّلب فقالت طائفة هو للقاتل أخذا بظاهر هذا الحديث فجعله بعضهم له على الإطلاق واشترط الشافعي أن يقتله في حومة القتال مقبلا غير مدبر، ومذهب مالك أنه لا يكون للقاتل ضربة لازم ولكن للإمام أن ينفّله إيّاه إذا بردت الغنيمة من الخُمس وحمل قوله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا على أنّ المراد به ابتداء إعطاءٍ الآن لا خبر عن حكم حَكَمَ الله به في هذه الوقعة وفي غيرها كما يحمله المخالف عليه واللّفظ يحتمل أن يقال خبرا عن الحكم في سائر الوقائع أو استئنافَ حكم في هذه الوقعة وخبرا عن التزام مالاً يلزم وإذا احتمل سقط التعلق به، وقال أصحابنا مما يؤكّد تأويلنا أنه أعطاه أبا قتادة من غير بيّنة ولم يحلّفه مع شهادة من هو في يديه ولو كان حقا تُستحق المطالبة به لم يُعْطَ إلا ببيّنة لحق أهل الجيش في المغنم، ولكن لما كان من الخمس على جهة الاجتهاد أدّاه - صلى الله عليه وسلم - اجتهاده إلى إعطائه إياه على هذه الصفة وقد أعطى سلبَ أبي جهل أحد قاتليه مع قوله - صلى الله عليه وسلم - كلاكما قتله وهذا لا يصح إلاّ على مذهبنا أنّه يصرفه حيث يشاء وقد كانت وقائع لم يعط فيها السّلب للقاتلين، وقد قال عزّ من قائل {واعْلَمُوا أَنَماَ غَنِمْتُمْ مِنْ شيءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١٤) فعم السّلب وغيره.


(١٤) ٤١ - الأنفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>