المؤمنين وقد عُرف من تشدّده في الحدود والأعراض وبعده عن المداهنة ما فات به الناس، وفيه عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزّبير وسعد رضوان الله عليهم ثم قال هذا ولا ينكره منكر ولا يزجر عنه عمر وهو الخليفة وإليه صيانة الأعراض وما ذاك إلَاّ لما تأوّلناه من أنهّم فهموا بقرينة الحال أنَّه قال: ما لا يعتقد على جهة المبالغة في الزّجر لعلي رضي الله عنه وزاد أنّ له حرمة الأب، والأب لا ينبغي أن يُنصف منه في العِرْضِ فهذا عندي وجه تأويل ما وقع في هذا.
وكذلك قول عمر إنّكما جئتما أبا بكر وذكر ما قال لهما وذكر عقب ذلك فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا وكذلك أيضاً ذَكَر عن نفسه أنهما رأياه كذلك وتأويل هذا أيضاً نحوٌ "مما تقدّم ذكر المراد به أنكما تعتقدان أنّ الواجب أن يُفْعَل في هذه القصّة خلاف ما فعلته أنا وأبو بكر فنحن على موجب مذهبكما لو أتينا ما أتينا ونحن معتقدان ما تعتقدانه من هذه الأوصاف أو يكون المراد أنّ الإِمام إنّما يخالف إذا كان على هذه الأوصاف ويتّهم في قضاياه فكان مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنّكما تعتقدان ذلك هذا أمثل ما تؤوّل عليهم رضي الله عنهم. وأمّا الاعتذار عن علي وعبّاس رضي الله عنهما في أنهما تردّدا إلى الخليفتين مع قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا نورث ما تركنا صدقة" (ص ١٣٧٨) وتقرير عمر عليهما أنهّما يعلمان ذلك؛ فأمثل ما فيه ما قاله بعض الأيمّة أنهّما طلبا أن يقسماها بينهما نصفين ينتفعان بهما على حسب ما ينفعهما (٢٣) الإِمام بها لو وليها بنفسه فكره عمر أن يوقع اسم القسمة عليها لئلا يظن بذلك مع تطاول الأزمنة أنّها ميراث وأنّه - صلى الله عليه وسلم - وُرِث لا سيما وقسمة الميراث بين العم والبنت نصفان فتكون مطابقة الشّرع لما يقع