للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكاذب الآثم الغادر الخائن. فقال القوم: أجَل يا أمير المؤمنين فاقض بينهما وأرحهم". وهذا اللّفظ الّذي وقع من العباس لا يليق بمثله وحاشا عَليا رضي الله عنه أن يكون فيه بعض هذه الأوصاف فضلا عن كلّها أو عن أن يُلمَّ بها ولسنا نقطع بالعصمة إلاّ للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أو لمن شهد له بها، لكنّا مأمورون بتحسين الظنّ بالصحابة رضي الله عن جميعهم ونفي كلّ رذيلة عنهم وإضافة الكذب لرواتها عنهم إذا انسدَّت طرق التّأويل. وقد حمل بعض الناس هذا الرأي على أن أزال من نسخته ما وقع في هذا الحديث من هذا اللَّفظ وما بعده مما هو في معناه تورّعا عن إثبات مثل هذا، ولعلَّه يحمل الوهم على رواته.

وإن كان هذا اللَّفظ لابد من إثباته ولا يضاف الوهم إلى رواته فأمثل ما حمل عليه أنه صدر من العبّاس على جهة الإدلال على ابن أخيه لأنّه في الشّرع أنزل مَنزِلَةَ أبيه وقال في ذلك: ما لا يعتقد وما يعلم براءة ابن أخيه منه. ولعله قصد بذلك ردعه وزجره عماَّ يعتقد أنه مخطىء فيه أو أنّ هذه الأوصاف وقع فيها على مذهبه من غير قصد إليها بل كان عليّ رضي الله عنه متأولا فيها فكأنّه يقول إنها على رَأيِي إذا فُعِلت عن قصد أَوْقَعَتْ في مثل هذا الوصف وإن كانت عند عليّ رضي الله عنه لا توجب على مذهبه وقوعَه فيها. وهذا كما لو قال المالكي في رجل شرب النَّبيذ: هو عندي ناقصُ الدّين ساقط العدالة لكان ذلك كلاما صحيحا على أصله، وإن كان الحنفي يعتقد أنه أتى من ذلك مباحا لا يُفسد مروءته ولا يسقط عدالته.

ومن الدّليل على أنّ هذه الطريقة هي التي تسلك في التأويل أو ما في معناها أنّ مجلسا حضر فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير

<<  <  ج: ص:  >  >>