للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهكذا وجه الجواب عما وقع في القرآن من الموزون أنه ليس بشعر لأنه لم يقصد إلى تقفيته وجعله شعرا كقوله تعالى {نصر من الله وفتح قريب} (٤٧) وقوله {لن تَنَالوا البِرَّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبّون} (٤٨) ولا شك أن هذا لا يسمّيه أحد من العرب شعرا لما قلناه، وقد أدى بعضَ الناس غفلتُه عن هذا الجواب إلى أن قال فإنّ الرّواية "أنا النبيء لا كذبَ" بفتح الباء حرصا منه على أن يُفسد الوزن فيستغني عن هذا الاعتذار.

فإن قيل: فإن الاعتزاءَ إلى الآبَاءِ والافتخارَ بهم من عمل الجاهلية فكيف قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا ابن عبد المطلب" قيل: إنما كان هذا لأنه يحكى أن سيف بن ذِي يَزَنَ لما قدمت عليه قُرَيْش أخبر عَبدَ المطلب أنه سيكون جدًّا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وأنه يقتل أعداءَه وذلك مشهور عند العرب، فأراد - صلى الله عليه وسلم - ذكرَ هذا الاسم ليذكرهم بالقِصَّة فتقوَى مُنَّتهم في الحرب ورُبَّما ثارتِ الطبَاعُ في الحروب بهذا وأمثاله وقيل: بل رؤيا رآها عبد المطلب تدلّ على ظُهُوره - صلى الله عليه وسلم - وغلبته وكانت مشهورة عندَهم أراد أيضاً أن يذكِّرَهُم بها.

٨٣٠ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الآن حِمَيَ الوَطِيسُ " (١٣٩٨).

قال أبو عُمر: الوطيسُ شبه التَّنُّورِ يُخْبَزُ فيه ويُضرب مثلا لشدّة الحرب يُشَبَّهُ حَرُّها بحرِّه. وقال غيره: الوَطيس التَّنُّور بعينه. وقال الأصمعي: الوَطيس حجارة مدوّرة إذا حميت لم يقدر أحدٌ أن يَطَأَ عليها فيقال الآن: حِمَيَ الوطيس على وجه المثل للأمر إذا اشتدّ، وقيل: الوطيس جمعٌ واحدَتُه وَطيسَةٌ.


(٤٧) ١٣ الصف.
(٤٨) ٩٢ - آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>