للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس فيها ذكر السِّباع. وهذا فيه نظر لأنه إنَّما أخبر عن أنه لا يجد محُرَّما إلَاّ مَا ذُكر وقد يمكن أن يوجد فيما بعد وقد ذكر أنّ الحديث ورد بعد لأنَّ الآية مكيّة وهو مدنيّ، وأيضاً فَإنّ الآية خَبَرٌ عن أنه لم يجد، وتحريم السّباع حكم والأحكام يصحّ نسخها (والأخبار لا يصح نسخها) (١٧) ولا يمكن تعارضها إلَاّ على وجه يمكن فيه البناء فإذا أخبر أنه لا يجد محرّما ووجدنا نحن محرّما حملناه على أنّه أوحي إليه به فيما بعد لأنّه لو كان أوحي إليه به فيما قبل وكان الخبر عاما صار الخبر كذبا وهذا لا يصح.

وأيضاً فإن قوله {قل لَا أجِد في ما أوحي إلى محُرَّما} لا يقضي بتحليل سوى المستثنى (١٨) لأنه إذا نفي التّحريم لم يكن ذلك نصا في إثبات التحليل ونحن نقول: إنّ الأشيَاء قبل ورود الشّرع لا نثبتها محرمة ولا يكون ذلك مِنَّا تصريحا بأنهَّا محلَّلَة بل الغرض نفي ورود الحكم وتكون باقية على أصلها قبل الشّرع، وفيه خلاف بَين أهل الأصول لكن إن كان المراد من الاحتجاج بالآية نَفيَ وجود التّحريم الشّرعي في زمن نزولها فهذا صحيح ولكن إثبات حكم معيّن أو نفي نزول حكم فيما بعد لا يصح ادّعَاؤه.

وأمّا نهيه عن كلّ ذي مخلب من الطّير، فيه قال أبو حنيفة والشّافعي، ومذهبنا أن أكلها ليس بحرام ولعلّ أصحابَنَا يحملون هذا النّهي على التّنزيه ويرون أنهّا قد تكون تتصيّد من السّموم ما يخشى منه على أكلها.


(١٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(١٨) في ب المستثنى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>