للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كان بعض شيوخنا يشير إلى هذا ويجريه مجرى السنّ ويعتلّ بما ذكرناه من التّعليل به في الحديث.

فإن قيل ما وجه أمره - صلى الله عليه وسلم - الذّابح ها هنا بالعجلة قيل: يحتمل أن يكون ذلك لأنّ الحديد يجهز القتل لحدّته وغيره لا يفعل ذلك فإذا لم يسرع الذبح به خُشي أن تقتل (١٧) الذّبيحة بالضغط والخنق فكان الأحوط الإسراع في الفعل وهذا يظهر صوابه للحِسِّ. وأمَّا قوله: "فنَدَّ علَينا بَعِير منهَا فرماه رَجل بسهم فحبسه".

فقد اختلفْ النّاس في الإنس إذا توحّش حتى صار غير مقدور عليه فمذهب مالك أن لا يذَكّى إلاّ بما تذكّى به الإنسية والحجّة له استصحاب الأصل الذي كان عليه قبل استحاشه ولأنّ الأحكام باقية عليه كبقاء الملك إلى غير ذلك فكذلك يجب أن يبقى عليه حكم المنع من التّذكية بالعقر، وأمّا أبو حنيفة والشّافعي فإنهّما أخرجاه عن الأصل ورأيا تذكيته بما يذكّى به اعتبارا بالحالة التي هو عليها ووجود العلّة الّتي من أجلها أبيح العقر في الوحش وهو عدم القدرة عليه. وكذلك هذا المستوحش قد صار غير مقدور عليه، واعتمد على هذا الحديث وقد قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: إنّ لهذه الإبل أوابدَ كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا فقد أباح - صلى الله عليه وسلم - اصطياد البعير إذا ندّ بالرَّمي وهذا نفْس ما قالا، وقد قال بعض أصحابنا في الانفصال عن هذا إنّ الحديث خبر عن فعلة واحدة لا يُدْرَى كيف وقعت وجوابه - صلى الله عليه وسلم - محال عليها فيقع في جوابه في الاحتمال ما وقع فيها. ويحتمل أن يكون هذا البعير حبسه السّهم ولم يقتله فكأنّه - صلى الله عليه وسلم -


(١٧) في (ب) و (ج) ان يقتل الذّبيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>