للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العِنب ونقيع الزَّبيب النَّي فأما المطبوخ منهما والنّي والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يقع الإسكَار.

وذهب أبو حنيفة إلى قصر التّحريم على المعتصر من ثمرات النّخيل والأعناب وتحليل ما سواهما ما لم يقع الإسكار وله في ثمرات النّخيل والأعناب تفصيل فيرى أنّ سُلافة العِنَب يحرم قليلها وكثيرها إلاّ أن تطبخ حتى ينقص ثلثاها وأما نَقِيع الزَّبيب والتّمر فيحل مطبوخهما وإن، مسّته النَّار مسًا قليلاً من غير اعتبارٍ بحدٍّ كما اعتبر في سُلافة العنب، وأمّا النّيّ منهما فحرام ولكنّه مع تحريمه إياه لا يوجب الحدَّ فيه، وهذا كلّه ما لم يقع الإسكار فإن وقع الإسكار استوى الجميع عند الجميع.

فالحجة لجمهور العلماء الاستنباط من الكتاب وظواهر الآثار، فأمّا المستنبط من الكتاب فإنّ الله سبحانه نَبّه على أنَّ علّة تحريم الخمر كونها تصدّ عن ذكر الله عز وجل وعن الصّلاة وتوقع العداوة والبغضاء على حسب ما قال الله عز وجل {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (٢) وهذا المعنى بعينه موجود في كل مسكر على حدّ سواء لا تفاضل بين الأشربة فيه فيجب أن يكون حكم جميعها واحداً فإن قيل إنّما يتوقّع هذا في الإسكار المغيرّ للعقل وتلك حالة اتّفق الجميع على منعها قلنا قد اتّفق الجميع على منع عصير العنب وإن لم يسكر وقد علّل الباري سبحانه تحريمه بما ذكرناه فإذا كان ما سواه في معناه فيجب أن يجري في الحكم مجراه وصار التّحريم للجنس وعلّلَ بما يحصل من الجنس على الجملة وهذا


(٢) ٩١ - المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>