للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه صحيح هذا مأخذ التّعليل من تنبيه الشرع وتلقّي التّعليل من سياق التنزيل أولى وآكد من سائر ما يُتعلّق به في هذا النوع، وللتّعليل مأخذ ثان وهو أنّا نقول: إذا شُربت سلافة العنب عند اعتصارها ولم تشتدّ وهي حِلوهٌ (٣) فهي حلال إجماعا فإن اشتدّت وغلت وأسكرت حرِّمَت إجماعا فإن تخلّلت من قبل الله سبحانه حلَّت أيضاً فنَظَرنَا إلى تبدّل هذه الأحكام وتجدّدها عند تجدّد صفات وتبدّلها فاشعر ذلك بارتباط الأحكام بهذه الصفات وقام هذا مقام النّطق بذلك، فوجب جعل ذلك علّةً وَحُكم يكون الشدّة والإسكار علّة للتّحريم لماَّ رأينا التّحريم يوجد بوجودها. ويفقد بفقدها وإذا وَضَح ذلك ثبت ما قلناه هذه إحدى الطريقتين من تصحيح ما عليه الجمهور، والطّريق الأخرى الأحاديث الكثيرة منها ما ذكره مسلم كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَهَى عن كلّ مسكر أسكر عن الصّلاة وقوله إن الله عَهِد لمن شرب المسكر أن يَسقِيَه من طينة الخبَال قالوا: يا رسول الله وما طينة الَخبَال؟ قال: عَرَق أهل النّار أو عصارة أهل النّار"، وقولِه - صلى الله عليه وسلم - "كل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدّنيا فمات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" (ص ١٥٨٧) (٤).

والحديث الذي بدأنا بذكره أنها حرمت وما شرابهم إلا الفضيخ وبادر الصحابة -رضي الله عنهم- لإراقته عند نزول التحريم وهم أفهم عن الله بما يقول وقد شاهدوا التنزيل وحاضروا الرسول، واللّغة لغتهم واللسان لسانهم والتّحريم نزل وهذا شرابهم وهذا كله واضح جليّ. وهذه


(٣) في (ج) وهي حارَّة.
(٤) هناك اختلاف في الأحاديث المسرودة هنا بين (أ) و (ج) والأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>