الأحاديث كلها التي خرَّجها مسلم ترد على المخالف من كل وجه لأنهّم إن منعوا التّسمية حتى لا يتعلّق بظاهر القرآن فقد قال - صلى الله عليه وسلم - "كلّ مسكر خمر وكلّ خمر حرام" فهذا إثبات التّسمية ومبادرة الصّحابة لإراقة الفضيخ عند نزول الآية يدلّ أيضاً على إطلاق التّسمية عندهم على ما أراقوه، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر: أمّا بعد فقد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتّمر والعسل والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل. والحديث مشهور ولأنّ الاشتقاق يوجبه لأنّ الخمر مشتقّ من التغطية ومنه سمّي خمار المرأة ومنه خمِّروا الإناء أي غطّوه ودخلت في خمار النّاس أي في كثرتهم حتى غطوه فقد ثبت انطلاق التّسمية من جهة الاشتقاق ومن جهة فهم الصحابة ومن جهة نصّ الحديث الذي ذكرناه، وفي الترمذي وأبي داود عن النَّبيء - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من الحنطة خمرا ومن الشَّعير خمرا ومن التمر خمرًا ومن الأرز خمَرًا ومن العَسل خمرا، زاد أبو داود ومن الذّرة وقال ولكن أنهاكم عن كل مسكر وهذا يؤكد ما نحن فيه.
٩٣٧ - وخرّج مسلم سئل عن البِتعْ من العسل والِمزر من الشّعير فقال "كلّ مسكر حرام"(ص ١٥٨٥ و ١٥٨٦).
ولا وجه لتعسّفهم مع هذا كلّه وحملهم بعض هذه الظواهر على أنّ المراد القدر الذي يقع به الإسكار وأن قوله:"كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام" يعني قليل ما يقع به الإسكار لأنّ هذا خروج عن الظّاهر وقد قال: "كلّ مسكر" وهذا إشارة لجنس الشراب ولم يقل كلّ إسكار.
وقد خرّج أبو داود "كلّ مسكر حرام وما أسكر منه الفَرَق فملء