للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكفّ منه حرام" وتحديده بملء الكفّ يمنع من تأويلهم ويبعده ويستدلّ أيضاً بنهيه عن الخليطين وعن الانتباذ في الأوعية وما ذاك إلَاّ مخافة أن يبلغَ الإسكار وإن لم يُتحقّق فيهما فلو كان التّحريم معلّقا بالسكر خاصّة، والقليل الذي لا يسكر حلال لم يكن في النهي عن الخليطين والأوعية معنى يعلَّل به ويصير كالشرع الذي لا يعلَّل.

وإن تعلّقوا بما خرَّجه مسلم الخمر من هاتين الشَّجَرتين النَّخلَةِ والعِنَبَة (ص ١٥٧٣). قلنا قد قدّمنا ما يدلّ على أنهّا تكون من سواهما فلا بد من حمل هذا الحديث على أنّ المراد به الخمر المستعمل عندكم أو ما يقرب من هذا المعنى لئلا تتعارض الأحاديث، وإن تعلقوا بقوله سبحانه وتعالى {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (٥) ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أن يكون ذلك زَمَن إباحتها، والثّاني أن يكون السكر النحل أو غيره مماّ أبيح (٦)، والثالث أن يكون نَبَّه على المنفعة وإن لم تكن محلّلَة بدليل تخصيصه الرزق بوصفه حسنًا.

وأما قوله في كتاب مسلم "كلّ مسكر خمر وكل خمر حرام" فإن نتيجةَ هاتين المقدمتين أن كلّ مسكر حرام وقد أراد بعض أهل الأصول أن يمزج هذَا بشيء من علم أصحاب المنطق فيقول: إن أهل المنطق يقولون لا يكون القياس ولا تصحّ النّتيجة إلا بمقدّمتين فقوله "كل مسكر خمر" مقدمة لا تنتج بانفرادها شيئا وهم يسمّون اللفظة الأولى من المقدمة موضوعا. واللفظة الثانية محمولا بمعنى أنّ اللّفظة الأولى وضعت لأن


(٥) ٦٧ - النحل.
(٦) في (أ) أن يكون السكر أو غيره مماَّ يباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>