الأوّل مع كونه تحكّما بما لم يقع عليه برهان، والانتقاش من صِفَات الأجسَام وكثِير ما يجري في العالم الأعراض، والأعراض لا تنتقش ولا ينتقش فيها.
والمذهب الصّحيح ما عليه أهل السنّة وهو أنّ الله سبحانه يخلق في قلب النّائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليَقظان وهو تبارك اسمه يفعل ما يشاء ولا يمنعه من فعله نوم ولا يقظة فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنّه سبحانه جعلها عَلَماً على أمورٍ أخر يخلقها في ثاني حال أو كان قد خلقها. فإذا خلق في قلب النّائم اعتقاد الطّيران وليس بطائر فقصارى ما فيه أنّه اعتقد أمرًا على خلاف ما هو عليه وكم في اليقظة من يعتقد أمرًا على غَير ما هو عليه فيكون ذلك الاعتقاد عَلَما [على غيره كما يكون](٨) خلق الله سبحانه للغيم عَلَماً على المطر والجميع خَلْقُ الله سبحانه، ولكن يخلق الرؤيَا والاعتقادات التي جَعَلها عَلما على ما يسرّ بحضرة الَملَك أو بغير حضرة الشيطان ويخلق ضِدّها مِمَّا هو عَلَم على ما يضرّ بحضرة الشيطان فتنسب إليه مجازا واتّساعا وهذا المعنيّ بقوله - صلى الله عليه وسلم - "الرّؤيا من الله والحلم من الشّيطان" لَا على أنّ الشّيطان يفعل شيئا في غيره، وتكون الرُّؤيا اسماً لما يُحبُّ والحلم لما يكره.
وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "فإنهّا لَن تَضرَّه" فقيل معناه أنّ الرّوعَ يذهب بهذا النّفثِ المذكور في الحديث إذا كان فاعله مصدّقا به متَّكِلاً على الله جلّت قدرَته في دفع المكروه عنه وقيل يحتمل أن يريدَ أن هذا الفعل منه يمنعَ من نفوذ ما دلّ عليه المنام من المَكروه ويكون ذلك سَبَبا فيه. كما تكون الصّدقة تدفع البلاء إلى غير ذلك من النّظائر المذكورة عند أهل الشريعة.