للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنَّ رؤياه لا تكون أضغاثا ولا من تشبيهات الشّياطين. ويعضد ما قاله بقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الطُّرق: "من رآني فقد رأى الحقّ" إن كان المراد به ما أريد في الحديث الأول من المنام.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَمثَّل بي".

إشارة إلى أنّ المراد أنّ رؤياه لا تكون أضغاثا وإنّما تكون حقّا. وقد يراه الرّائي على غير صفته المنقولة إلينا كما لو رآه شَيخا أبيض اللّحية أو على خلاف لونه أو يراه رائيان في زمان واحد أحَدهما بالَمشرق والآخر بالمغرب ويراه كلّ واحد مِنهما مَعَه في مكانه.

وقال آخَرون: بل الحديث محمول على ظاهره. والمراد أنّ مَن رآه فقد أدركه - صلى الله عليه وسلم - ولا مانع يمنع من ذلك ولا عَقل يحيله حتى يضْطرّ إلى صرف الكَلامِ عَن ظَاهِرِه. وأمَّا الاعتلال بأنّه قد يرى على خلاف صفته المعروفة وفي مكانين مختلفين معًا فإنّ ذلك غَلَط فيِ صفاته وتخيّل لها (١٥) على غير ما هيَ عليه وقد تظنّ بعض الخيالات مرئيات لكون ما يتخيّل مُرْتَبِطًا بما يرى في العادةِ فتكون ذاته - صلى الله عليه وسلم - مرئيةً وصفاته متخَيَّلةً غير مرئية والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافات ولا كون المرئيِّ مدفونًا في الأرض ولا ظاهرا عليها وإنّما يشترَط كونه موجودًا ولمَ يقم دَلِيل على فناء جِسمه - صلى الله عليه وسلم - بَل جاء في بعض الأخبار ما يدلّ على بُقْيَاهُ صلوات الله وسلامه عليه (ويكون [اختلاف] (١٦) الصّفات المتخيّلة ثمرتها اختلاف الدّلالات.


(١٥) في (ب) ويخيّل له.
(١٦) اختلاف ساقط من (ب) وكذلك فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>