للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشّيخ -وفّقه الله-: هذا الحديث مما ذكره بعض الملحِدة في مطاعِنها وحاولت بذلك القدح في الثقة بنقل القرآن ولا مستَرْوحَ (١٢٤) لها في ذلك لأنّا لو سلّمنا أن الأمر كما ظَنّوه وأنه لم يكمل القرآن سِوَى أربَعَةٍ فَإنَّه قدَ حفِظ جميع أجزائه مئون لا يحصون وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكلّ بل الشيء الكثير إذا روى كلّ جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحَصَل متواترا ولو أن "قفا نبكي" روى كلّ بيت مائة رجلٍ مثلا لم يحفظ كل مائة سوى البيت الذي روته لكانت متواترة فهذا الجواب عَن قَدحِهم.٨

وأمَّا الجواب عن سؤال من سأل عن وجه الحديث مِن الإسلاميّين فإنه يقال له: قد علم ضرورة من تَدَيّنِ الصَحابة -رضي الله عنهم- ومبادرتهم إلى الطّاعَاتِ والقُرَبِ التي هي أدنى منزلة من حفظ القرآن ما يعلم منه أنّه محال مع كثرتهم أن لا يحفظه منهم إلاّ أربعة، كيف ونحن نرى أهل عصرنا يحفظه منهم ألوف لا تحصى مع نقصِ رَغبتِهِم في الخير عن رَغبَةِ الصّحابة -رضى الله عنهم- فكيف بالصّحابة على جلالة أقدارهم، هذا معلوم بالعادة.

ووجه ثانٍ وهو أنّا نعلم أنّ القرآن كان عندهم من البلاغَة بحيث هو، وكان الكافرون في الجاهلية يعجبون من بلاغته وَيحَارون فيها حتى ينسبوها تارة إلى السّحر وتارة إلى أساطير الأوّلين ونحن نعلم من عادة (١٢٥) العرب شدّة حرصها على الكلام البليغ وتحفّظها له ولم يكن لها


(١٢٤) في (ب) ولا دليل لها في ذلك.
(١٢٥) عادة ساقطة (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>