للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شغل ولا صنعَة سوى ذلك فلو لم يكن للصّحابة باعث على حفظ القرآن سِوى هذا الذي ذكرناه لكان من أدلّ الدلائل على أنّ الخبر ليس على ظاهره. فإذا ثبت بهاتين العادتين أنّ الخبر متأوّل وثبت ذلك أيضا بطريقة أخرى وهي ما نقله أهل السّيرة وذكره أهل الأخبار من كثرة الحافظين له في زَمَان النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقد عدّدنا من حفظ منهم وسمّينَا نحو خمسة عشر صَاحبا ممّن نقل عنه حفظ جميع القرآن في كتابنا المترجم بـ "قطع لسان النّابح في المترجم بالواضح" وهو كتاب نقضنا فيه كلام رجل وصف نفسه بأنّه كان من علماء المسلمين ثم ارتدّ وأخذ يلفّق قوادِح في الإسلام (١٢٦) فنقضنا أقواله في هذا الكتاب. وأشبعنا القول في هذه المسألة، وبسطناه في أوراق، فمن أراد مطالعته فليقف عليه هناك، وقد أشرنا فيه إلى تأويلات لهذا الخبر وذكرنا اضطراب الرّواة في هذا المعنى فمنهم من زاد في هذا العدد، ومنهم من نقص عنه، ومنهم من أنكر أن يجمعه أحد، وأنه قد يتأول على أنّ المراد به لم يجمعه بجميع قراءاته السبع وفقهه وأحكامه والمنسوخ منه سوى أربعة. ويحتمل أيضا أن يراد به أنّه لم يذكر أحد عن نفسه أنّه أكمله في حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سوى هؤلاء الأربعة لأنّ من أكمله سواهم كان يتوقّع نزول القرآن مادام - صلى الله عليه وسلم - حيّا فقد لا يستجيز النّطق بأنّه أكمله، وأكمله هؤلاء (١٢٧) وَمُرَادهم أنهّم أكملوا الحاصل منه ويحتمل أيضًا أن يكونَ من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءات بِه واحتياطا على النيّات كما يفعل الصّالحون في كثير من العبادات وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك لأنهم أمِنوا على أنفسهم أو لرأيٍ اقتضى ذلك عندهم وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة وكيف تتصوّر الإحاطة بهذا


(١٢٦) في الإسلام ساقط من (ج).
(١٢٧) في (ب) و (ج) عوض وأكمَلَه هؤلاء،. واستجازه هؤلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>