للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منَكَّلا ويطال حبسه وَينفَى من موضع يقرب (١٦٠) فيه من المشركين.

واختار بعض شيوخنا اعتبار ما كان عن فعله فإن قتِل المسلمون بفعله ولولاه لم يقتلوا قتِل، وإن لم يقتَلوا عوقب وإن خشيِ أن يعود لمثلها خلِّد في السِّجن، ومذهب الشّافعي التّجافي عن ذِي الهيئة الغير المتهم (١٦١) الفاعل ذلك بجهالةٍ. ويحتج في مثل هذه الصورة بحديث حاطِبِ. ولعلّ من أمر بقتله من أصحابنا رآه كالمحارب الذي طال أمره وأراق الدِّمَاءَ لعظم ضرر هذا بالمسلمين فَيقتَل إلاّ أن يتوب، ومن لم يثبت التوبة له يراه كالزنديق والساحر لماّ كانا مسرَّين لفعلهما لم تقبل توبتهما فكذلك هذا لمَّاَ كان مسرا لفعله، ومن لم ير قتلهم واقتصر على التَّنكيل لم يره كالمحارب لأنه لم يباشر الفعل وإنما صار كالمغري بذلك أو الآمر بذلك (١٦٢) من لَا تلزمه طاعته فلا يستوجب القتل. ومن فرق بين المعتاد وغيره رأى أن باعتياده، يعظم جرمه ويشتَدّ ضرره فَيَحسن قياسه عَلىَ المحَارِبِ وإذا كانت منه الفلتة لم يحسن قِيَاسه على المحارب. وتجافىَ الشافعي عن ذي الهيئة الغير المتَّهم أخذا بظاهر حديث حاطب ولأن الاجتهاد إذا أدى لإقالة عثرة هذا لمَ يكن تضييعًا ولا تفريطًا ولما رأى مالك تَفاوت هذا الجرم بتفاوت أحوَاله وما يجنَى من ثمرته لم يمكنه تعيين حدّ فيه وصرفه للاجتهاد (على حَسَب ما حكيناه عنه هذا وجه اختلاف هذه الأقوال.

والذِي يظهر لي أن حديث حاطب) (١٦٣) لا يستقل حجة فيما نحن فيه لأِنّه اعتذر عن نفسه بالعذر الذي ذَكر فقال - صلى الله عليه وسلم - "صَدَق" فقطع على


(١٦٠) في (أ) بقرب فيه، وكذلك في (ج).
(١٦١) في (ب) غير المتهم، وكذا فيما يأتي.
(١٦٢) في (أ) اشارة على قوله بذلك إلى الهامش وفيه به، وهو ما في (ب).
(١٦٣) ما بين القوسين ساقط من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>