قال الشّيخ -رضي الله عنه-: قول الرَجل للنبيء - صلى الله عليه وسلم - لماَّ سمِع منه "أن الله تعالى قد كتب السعادة والشقاوة" على ما وقع في هذا الحديث أفَلَا نَمكث على كتابنا وندع العمل يلاحظ تَشنيع المعتزلةِ عَلَينَا بقولهم: إذا قلتم إنَّ الله سبحانه خلق معصية العاصي فَلِمَ يعذِّبه على ما خلقه فيه وقدّر عليه؟ وما فائدة التَكليف وكيف يطلب الإنسان بفعل غيره وأي فائدة في العمل وقد وقع في نفس هذا الرجل شبهة من فائدة العمل أو أراد أن يؤكد ما عنده بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بهذا الجواب ودفع اعتراضه ولم يقل له إنَّه صحيح بل أخبره ان الله جلّت قدرته ييَسر أهل السعادة لعمل أهل السعادة وأهل الشقاوة لعمل أهل الشقاوة وتلا - صلى الله عليه وسلم - القرآن مصدقا لما قال، وأخبر أن الله سبحانه وتعالى إذا نَفَذ قدره بشقاوة عبد يَسَّر له عمل أهل الشقاوة وهيأه له وسهّله عليه وأتاحَ (٤) له أسبَابَه التي تعينه وتَبعثه على اكتساب المعاصي فالإنسان عندنا مكتسب لفعله لَا مجَبور عليه. وتحقيق القول في الكسب يَتَّسع وموضعه كتب الأصول ولا يبعد في العَقل أن يجعل الله سبحانه وتعالى هذه الأعماَل أمَارة على استحقاق الجَنَّة والنار ويسهِّل لكل عبد ما قُضي لَه أو عَلَيه من ذلك والغَرض ها هنا الإشارة إلىَ ما قلناه من أن الأسلوب الذي تقدح به المعتزلة قد وقع ما يلاحظه من هذا السائل ولم يصححه - صلى الله عليه وسلم - بل أجاب عنه بما ذكر. ولعل السائل له - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعلم حقيقة الانفصال أو تأكيد ما وقع في نفسه منه على ما قلناه ولم يقصد الاعتراض على قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالرد والتشكّك فيه كما تَقصِد المعتزلة باعتراضها القدح في الحق الذي بيّناه.
وكذلك قول الرّجلين مِن مُزَينَةَ بَعد هَذا: يا رسول الله أرَأيتَ ما