للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على اختلاف أصحابنا في خِلافِ المعلوم هل يقال: إنه مقدور أم لا؟ والأصَحّ عِندِي أن خِلافَهم قد يرجع إلى عبارة والأولى إطلاق القول بأنه مقدوْر وقد قال تعالى {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} (١٨) فأثبت أنه قادر على خلق مثلهم، ومعلوم أنه لا يخلق مثلهم. وكذلك اضطرب أصحابنا في المقتول لو لم يَقضِ الباري عزّ وجل القتلَ عليه مَا يكون حكمه بعد زَمنِ القتل الذي فرضنا وقوعَه فيه والأصح في هذا أن يحال على الباري سبحانه ويقال: نحن لا نَعلَم كَثِيرا مِماَّ يكون بِلابدٍّ فكيف نعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون والباري سبحانه يعلم لو لم يكن قَضَى بموت هذا عند ثمانين من عمره كيف كان يَقضي فيه ويقدِر له؟ وهذا السؤال لا معنى له ولا وجه للتشاغل به لأنّا إذَا أثبتنا أن المقتولَ مات بأجله وأن الباري لا يتغير عِلمُه فلا معنى لقولهم هذا إلَاّ كَمَعنَى من يقول: لو لم يكن أجل فلان ستين ماذا يكون من السِّنين وهذا مما لا جواب لنا عليه إلَاّ بإحالته على علم الله سبحانه فَإن قيل: فما معنى صرفه لها عن الدعاء بالزيادة في الآجال لأنها فُرغ منها إلى الدعاء بالعياذة من عذاب النّار وقد فُرغ منه كما فرغ من الأجل. قلنا: صدقتَ في أن الله فَرغ من الكلّ ولكن هذا الاعتراضُ من جنس ما قدمناه (من قول) (١٩) من قال للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أفلا ندع العمل لَماّ أخبرهم أن الله قضى بالسعادة والشقاوة فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بما قدَّمناه. وقد أمر الله بأعمالَ برّ وطاعات جعلها قربى إليه وَوَعد بأنها تُنجي من النار وييسر أهل السعادة لها فالدعاء بالنجاة من النار من


(١٨) ٨١) يس.
(١٩) من قول ساقط من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>