للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الرجز]

قد لفّها اللَّيل بِعَصلَبِيّ ... أروَعَ خَرَّاجٍ من الدَّوِّيِّ

والتوبة من الذنب هي الندم عليه رعايَةً لحقً الله سبحانه ويجب على التائب أن يضيف إلى الندم عن الذنب العزمَ على أن لا يعود إليه إذا كان متأتيا منه العودة إليه وتعجيل التوبة عند الذنب هو المَأمور به وتأخيرها عنه مَنهيّ عنه وربَّماَ غَلِط بعض المذنبين ودام على الإصرار خوفا من أن يتوب فينقض، وهذا اغترار وجهالة ولا يحسن أن يَترك واجبا عليه على الفور خوفا ان يقع منه بعده مَا يَنقضه، وتصح التوبة عندنا عن الذنب مع البَقَاء عَلي ذَنب آخر خلافه خِلافا لمِن مَنَعَه من المعتزلة لأن بواعثَ النفس إلى المعاصي تختلف والشهوات في الفسوق تختلف باختلاف أنواعه وَطِباع العصاة وحضور الأسباب المعينة على الشر والصَّادَّة عنه فصحَّ لذلك التوبة عن الذَّنب (٢٥) مع البقاء على خلافه ونحن نرى عيانا العصاة يَكفّون عن شرب الخمور ليالي رمضان احتراما له ويشربونها في ليالي شوال لاعتقادهم أن الذنب في رمضان أعظم فَإذا صح اختلاف الأغراض والأسباب لم يبعد التروع عن ذَنبٍ مع البقاء على غيره على ما قلناه.

وإذا وقعت التوبة عن الذنب عن شروطها فإن كَانَت عَنِ الكفر قُطع بقبولها وإن كَانت عَماَّ سِوَاه من المعاصي فمن العلماء من يقطع على قبولها ومنهم من يظن ذلك ظنًّا ولا ينتهي إلى القطع لأن الظواهِرَ التي جاءت بقبولها ليست بنصوص عنده، وإنما هي عمومَات معرضة للتأويل، والتوبة يقارنها الحزن والغم على ما تقدم من الإخلال بحق الله تعالى لأن الفَرِح المسرورَ بما فرط من زلاته لا يندم عليها.


(٢٥) في (أ) على الذنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>