للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ها هنا هذا المعنى أن الله سبحانه لم يتعبه خَلق ما ذكر ولا شق عليه على عِظَمِ مخلوقاته هذه. وقد قال بعض الناس قد يكون بعض المخلوقات (اسمه إصبع فأخبر بخلق هذه الأشياء عليه، وقال بعضهم: يحتمل أن يراد أصبع بعض خلقه وهذا غير) (٣) مستنكرٍ في قدرة الله سبحانه والغرض المنع أن يكون لله سبحانه إصبَع الجارحة لإحالة العقل له ثم بعد هذا يتأوّل على ما يجوز وقد أرينا طرقا من التأويل.

١٢٥٠ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَطوِي الله سبحَانه السَّماَوَاتِ يَومَ القِيَامَة ثمَّ يَأخذهنَّ بيَده اليمنى ثم يقول أنَا المَلِك أينَ الجَبَّارون أينَ المتكَبرون؟ ثم يطوِي الأرَضِيَن بشِماَلِهِ ثمَّ يَقول أنَا المَلِك أينَ الجَبَّارون أينَ المتَكَبرونَ؟ " (ص ٢١٤٨).

قال الشيخ -وفّقه الله-: تقدم القول في ذكر اليَد واختلاف الأصوليين في إثبَاتهِا بمعنى الصفةِ لا بِمعنى الجارحةِ وتنازعهم في مقتَضى قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٤) وَذكرنَا تَأوِيل ما وقع في ذكر اليد في حديث قبل هذا. ولكن لما ذَكَرَ ها هنا اليَمِين والشِّماَل كان آكَد في إيَهام الجَارحة. فَإذَا ثبتَ استحالة يد الجارحة عليه وَوَصفه باليمين والَشِّمال فلابد من حمَل هذا على ما يجَوز، وَأمثل ما تؤوّلِ عليه عندي أنّ الله سبحانه أرَاد أنه يطوِيَ السماوات والأرضين بِقدرته وكنّى عن ذلك بذكر اليد لأنّ بها فِعلنَا نحن وبها تَصَرّفنا فَخَاطب بما يفهم وبما يخرج إلى الحس واَلوجود ليكون أوكَدَ وَأرسَخَ في نفس السامع وذكر اليمين


(٣) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(٤) ٧٥) ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>