للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سفهاً وشّرا لم يصح أن يريده الباري سبحانه وأخطؤوا في هذا الاستدلال في مواضع. منها: أن الكفر سَفَه وَشَر في حَقِّنا وفي حقّ من يكلف لا في حق الباري سبحانه، ومنها: أن مريد السَّفَه والشَّرِّ إنما كان سفيها لنهي الله سبحانه لَه أن يريد السّفه والشرَّ والباري سبحانه لا أحد فوقه ينهاه ويأمره فلم يصح أن يقاسَ عَلَينَا في هذا، ومنها أن المريد منّا لفعل ما إذا لم يحصل له ما أراد فإن ذلك يؤذن بعَجزه وضعفه فهلاّ قالوا: إن الباري سبحانه إذا أراد من الكافر الإيمان فلم يؤمن أذِنَ ذلك بضعفه وعجزه كما قالوا: إن مريدَ السفه منّا سفيه فلو أراده الباري لكان سفيها -تعالى الله عن ذلك.

وهذا يوضح لك فساد ما بنوا عليه. وهذا الحديث إن تعلق به بعضهم في تصحيح المذهب الذي حكيناه عنهم. وقال: قد أخبر - صلى الله عليه وسلم - ها هنا في الصحيح أن الله تعالى يقول للكافر: أردت منك أن لا تشركَ وأبيت إلا الشركَ. قلنا: هذا خبر واحد والمسألة مسألة أصل ومع هذا فإنه قد يصح أن يراد به ما أُخذ من العهد على الخليقة وهم في صلب آدَمَ. ولهذا قال: أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلبِ آدمَ.

١٢٥٦ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يَظلم مؤمِنًا حَسَنَةً يُعطَى بها في الدّنيَا ويجزَى بها في الآخِرَة، وَأمَّا الكَافِر فَيُطْعَم بحسناتِ مَا عَمِلَ بها لله في الدّنيَا حَتَّى إذا أفضَي إلى الآخِرَة لم تكن لَه حَسَنَة يجزَى بها" (ص ٢١٦٢).

قال الشيخ -وفّقه الله-: قد تقدَّم الكلام على ما يقع من الكافر في حالةِ كفره من حسنات وَبينَّا أنَّ مذهَب المحَقِّقِين أنه غَير عَارِفٍ بالله سبحانه وأنّ بَعض النَاسِ ذَهَبَ إلى أنه يخفف عنه من العذاب لأجل ما قَدَّم من حسنات.

<<  <  ج: ص:  >  >>