والمنصف الذي يقف على كلام صاحب الإِحياء وما ذكره من تطويل في كيفية قص الأظفار وما صوره من صور هندسية في قلم الأظفار وقصها بصور متنوعة لا تفهم إلا بصعوبة يحكم أن ما رماه به صاحبنا وشنع عليه به هو عين الإِنصاف إذ أن ذلك ليس له مستند شرعي وحاشا الشرع الحكيم أن يذهب إلى ما ذهب إليه صاحب الإِحياء من تلك الصور الغريبة المترتبة على أمر من البساطة بمكان وهو إزالة أوساخ الأظفار.
وليس هو أمرا عظيماً حتى تكون له هذه العناية البالغة المذكور في الإِحياء من البدء بالسبابة ثم الرجوع إلى إصبع أخرى ثم الانتقال إلى جهة أخرى مما هو من التفاهات.
وما نفاه المازرى من أن ما ذكره الغزالي لا مستند له قد أيده الحافظ العراقي في كتابه المغني عن الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإِحياء من الأخبار:"حديث البداءة في قلم الأظفار بمسبحة اليمنى والختم بإبهامها وفي اليسرى بالخنصر إلى الإِبهام لم أجد له أصلاً".
وقد أنكره أبو عبد الله المازري في الردّ على الغزالي وشنع عليه (١٢٦).
ثم إن انتقاده على الغزالي في اعتماد الأحاديث الضعيفة أو الأحاديث التي لا أصل لها ليس مقصوراً على قلم الأظفار بل كان انتقاده عاماً حسبماً نقله عنه ابن السبكي في الطبقات.
ثم ذكر توهينه ما في الإِحياء من الأحاديث. وقال: عادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، قال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم.
إن انتقاده هذا وجيه حيث إنه أورد أحاديث واهية مع أن المتورع يتحرج من إيراد أقوال الأئمة مثل مالك والشافعي إذ لم يثبت شيء منها عنده فما بالك بحديث النبيء - صلى الله عليه وسلم - فالتورع عن إيرادها أشد من غيرها.