للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ -وفقه الله-: أما القول بأنه لا يمسح في السفر ولا في الحضر، فإن المالكية لا يعرّجون عليه ولا يكاد كثير منهم يعرفه، وأظن أن صفة ما روي فيه عن مالك أنه قال: لا أمسح، فإن كانت الرواية هكذا فقد يتأول على أنه إنما اختار ذلك في خاصة نفسه، لا أنه ينكر جواز ذلك وإن كان لفظ الرواية يقتضى إنكار جواز مسح السفر فإنه يكون وجهه التمسك بالآية وتقدمَتهَا على أحاديث المسح، وقد أشار مالك فيما روي عنه إلى ذلك فقال: إنما هي أحاديث، وكتاب الله أحق أن يتبع.

فأما جواز المسح فالحجة له (٢٩) الأحاديث الواردة في المسح. وقد ذكر بعض التابعين من بلوغها في الكثرة ما ربما دل على أنها ترتفع عن رتبة أخبار الآحاد وتلحق بما هو متواتر في المعنى والمفهوم، كمثل ما ذهب إليه أهل الأصول فيما نقل من الأخبار في بعض آيات الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها متواترة على المعنى والمحصول.

وأما وجه القول بالتفرقة بين الحضر والسفر في المسح فلأن أكثر الأحاديث إنما وردت في السفر، ولأن السفر محل الرخص، وقد خص (٣٠) بالقصر والفطر، والتنفُّل عندنا على الدابة، وشبه ذلك.

ويصح أن يجعل حديث السباطة المتقدم حجة على المسح في الحضر لأن الغالب أن السباطة، وهي المزبلة، إنما (٣١) تكون في الحواضر، وقد قال: "سباطة قوم" فأضافها إلى قوم مخصوصين، ولو كانت في الفلوات لم تكن كذلك.

وهل من شرط جواز المسح على الخفين أن يلبسهما على طهارة أم لا؟


(٢٩) "الفاء" من قوله "فالحجة" ساقطة من (أ).
(٣٠) في (ج) "وقد رخص فيه".
(٣١) في (ج) "لا تكون في الفلوات وإنما تكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>