تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ}(٢٨). وهذا ظاهره المباشرة، ويبقى هاهنا النظر ما بين تقدمة ظاهر القرآن على الأحاديث أو تقدمة الأحاديث على الظاهر وليس هذا موضع استقصائه. وأحسن ما حَمَل عليه أصحابنا حديث المسح عَلَى العِمَامَة أنه - صلى الله عليه وسلم - لعله كان به مرض منعه كشف رأسه فصارت العمامة كالجبيرة التي يمسح عليها للضرورة.
١٥٢ - قَولُ حُذَيْفَةَ:"كُنْتُ مَعَ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْتَهَى إلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ" الحديث (ص ٢٢٨).
قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر فيه "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - بال قائما". وقد اختلف في وجه ذلك فقيل: بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الحدث في الغالب، وقيل: إنما فعل ذلك لوجع كان به. وقيل: لعل تلك السّباطة كانت فيها نجاسات رطبة وهي رخوة يأمن إذا بال قائما أن يتطاير عليه، ويخشى إن جلس ليبول أن تنال ثيابه النجاسة ولذلك بال قائما.
وذكر فيه:"أنه قال لحذيفة: ادْنُة، قال حذيفة: فدنوت حتي قمت عند عقبيه" وفي الحديث أنه قال "لما أراد قضاء حاجته تَنَحَّ عنّي فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ". يصح حمل الحديث الأول على أنه أمن خروج الحدث، وأراد أن يستتر بالقائم خلفه على الناس، والحديث الثاني على أن هذه الوجوه فيه مفقودة.
وذكر في حديث السباطة أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه.
وقد اختلف قول مالك -رحمه الله- في المسح على الخفين. فروي عنه في قولة شاذة: أنه لا يمسح عليهما في سفر ولا حضر، وروي عنه: أنه يمسح عليهما في السفر والحضر، وروي عنه أنه يمسح عليهما في السفر خاصة.