للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٦ - قال الشيخ -وفقه الله-: أحاديث السهو كثيرة والثابت منها خمسة أحاديث: حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري وهما جميعاً فيمن شك كم صلَّى. وذكر في حديث أبي هريرة "أنه سجد سَجْدَتَيْنِ ولم يذكُر مَوْضِعَهُما". وفي حديث أبي سعيد الخدري: "أنّه سجد قَبْلَ السَّلَام". وقد طُعِن في سند الخدري بأن مالكا أرْسَلَه وأسنده غَيْرُهُ من المحدثين. وهذا غير قادح فيه لأنه قد علم من عادة مالك وتحصيله أنه يرسل الأحاديث المسندة ثقَةً بأنه قد عُلم من عادته وأن ذلك لَا يُوقِع في النفوس منه اسْترابة.

ومن الخمسة أيضاً حديث ابن مسعود، وفيه: "القيام إبى خامسة والسجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ"، وحديث ذي اليدين وفيه: "السّلام من اثنتين والسجودُ بعد السّلام"، وحديث ابن بُحَيْنَة وفيه: "القيام من اثنتين والسجود قبل السّلام" (من ص ٣٩٨ إلى ص ٤٠٥).

وقد اختلف الناس في طريق الأخذ بهذه الأحاديث. فأما داود فلم يقس عليها وقال: إنما يستعمل ذلك فيما ورد فيه من الصلوات على حسب الترتيب في مواضع السجود المذكورة، وقال ابن حنبل كقول داود في هذه الصلوات خاصة وخالفه في غيرها، وقال: ما وقع فيها من سهو فإن السجود كله قبل السلام.

واخلتف من قاس عليها من الفقهاء سواهما في بنائها، فبعضهم قال: إنما تفيد هذه الأحاديث التخيير، وللمكلف أن يفعل أيَّ ذلك شاء من السجود قبلُ أو بعدُ في نقصٍ أو زيادة. وقال أبو حنيفة: الأصل ما فيه السجود بعد السلام، ورد بقية الأحاديث إليه. وقال الشافعي: الأصل ما فيه السجود قبل [السلام] ورد بقية الأحاديث إليه. ورأى مالك أن ما فيه النقص يكون السجود فيه قبل السلام وأن النقص علة في ذلك وأن ما فيه الزيادة يكون السجود فيه بعد [السلام]، وأن تلك الزيادة إشارة إلى أن العلة هى الزيادة. فأما الشافعي فطريقته البناء أن يقول: ذكر في حديث أبي سعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>