للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي" (١٤٧) وقد نام هاهنا حتى طلعت الشمس؟ قلنا: إن من أهل العلم من تأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي" على أن ذلك غالب حاله وقد ينام نادراً بدليل حديث الوادي.

ومنهما من تأول "ولا ينام قلبي" على أنه لا تستغرقه آفة النوم حتى يوجد منه الحدث ولا يشعر.

قال الشيخ: والأولى عندي أن يقال: ما (١٤٨) بين الحديثين تناقض، لأنه ذكر في الحديث: "إن عيني تنامان" وكذلك يوم الوادي إنما نامت عيناه فلما ير (١٤٩) طلوع الشمس وطلوعها إنما يدرك بالعين دون القلب.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْتَادُوا حَتَّى خرج من الوادي ثم صَلَّى". اختلف في علته فقيل: لأن الشمس كانت (١٥٠) طالعة. وإنما أمرهم عليه الصلاة والسلام باقتياد رواحلهم حتى ارتفعت الشمس. [هذا يرده ما ورد في الحديث أنهم لم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس، أي آذتهم وذلك لا يكون إلا بعد ارتفاع الشمس] (١٥١) وقيل: إنما ذلك لما ذكر بعد من قوله عليه السلام: "إن هذا مَنْزِلٌ حَضَر فيه شَيْطَانٌ" وهذا هو الأظهر.

قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب أبي حنيفة أن المنْسيات لا تُقضى عند طلوع الشمس ويحتج بتأخير النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى خَرج من الوادي. وهذا الحديث لا حجة له به لأنه كان في صلاته ذلك اليوم، وهو يوافق على أن صلاة اليوم تقضى عند طلوع الشمس والحجة عليه أيضاً.


(١٤٧) أخرجه مسلم في باب صلاة الليل (ص ٥٠٩).
(١٤٨) "ما": نافية، أي ليس بين الحديثين تناقض.
(١٤٩) في (أ) "لم تر".
(١٥٠) في (ج) "حينئذ".
(١٥١) ساقط من (أ) و (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>