واغتر بقوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ}(٢١٣) فعلق فعلها يكون النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيهم فإذا لم يكن فيهم لم تكن. ورأى غيره من أهل العلم أن الآية خرجت مخرج التعليم لهيئة الصلاة ولم يقصد بها قصرها على النبيء - صلى الله عليه وسلم - وإنما افتتحت بخطاب المواجهة لأنه هو المبلّغ عن الله تعالى وَجَلَّ ما يقول وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أصَلِّي". وعموم هذا الخبر يرد على أبي يوسف وقد صُلّيت في الصحابة بعد النبيء - صلى الله عليه وسلم -.
واختلف فقهاء الأمصار في المختار من الهيئات الواردة في الآثار. فأخذ مالك برواية صالح بن خوات التي رواها عنه في موطئه وأخذ الشافعي وأشهب من أصحاب مالك برواية ابن عمر، وأخذ أبو حنيفة برواية جابر، ولا معنى للأخذ بها إلا إذا كان العدو في القبلة لأن فيها أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - صفّ بهم صفَّين والعدوّ بينهم وبين القبلة فذكر كون العدوّ في القبلة ولو كان في دبرها لكانت الصلاة على هذه الهيئة تعرضا للتلف وركوبًا للخطر.
وأما رواية صالح التي أخذ بها مالك، ورواية ابن عمر التي أخذ بها الشافعي فإن لكل واحدة منهما ترجيحا على صاحبتها. أما رواية ابن عمر رضي الله عنه فإن فيها إثبات قضاء المأموم بعد فراغ الإِمام على ما أصلته الشريعة في سائر الصلوات، ورواية صالح فيها القضاء والإمام في الصلاة وهذا خلاف الأصول.
وأما رواية صالح رضي الله عنه فإن فيها من الترجيح أيضاً قلة العمل في الصلاة، ورواية ابن عمر تضمنت انصراف المأموم وهو في الصلاة ومشيه وتصرفه وهو يصلي وذلك خلاف الأصول.
وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن الإِمام يصلي ركعتين وتصلي كل طائفة ركعة لا أكثر، يحتج له بما في كتاب مسلم "أنَّ ابن عباس قال: فَرضَ