إلى نفقة الوالدين. والشبه بينهما أنهما جميعاً من باب المواساة، فرد المواساة إلى المواساة أولى من ردها إلى ما هو عَلَم على الذلة والصغار، وهي تطهير وتزكية للأموال. وينقض عليه رده إلى ذلك الاتفاق منا ومنه على وجوب الزكاة على النساء وسقوط الجزية عنهن. وهذا دليل على أنهما ليسا بأصل واحد.
٣٧٣ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأما خالدٌ فإنكم تَظْلِمُون خالدًا قد احْتَبَس أدراعه وأعتاده". وفيه أنه قال:"وأما العباس فهي عَلَيّ ومثلها معها". وفي غير هذا الكتاب "فهي عليه"، وفي رواية أخرى "فهي صدقة عليه ومثلها" وفي رواية أخرى "هي له ومثلها"(٦٧٧).
قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "احتبس" فيه دلالة على جواز تحبيس العروض خلافاً لمن منعه. وفيه أيضاً إشارة إلى ثبوت التحبيس مع كون الشيء المحبس يعود إلى محبسه. وهذا على تأويل من رأى أن المال الذي في يديه ظن الساعي أنه ملكه وهو محبس. وقد تُؤُوِّل الحديث على أن معنى قوله:"تظلمون خالدا" أي أنه بصفة من لا يليق به منع الزكاة لأنه إذا حبس ماله تطوعاً فأحرى أن لا يمنع الواجب.
وأما قوله عليه السلام في العباس -رضي الله عنه-: "هي علي ومثلها" يحتمل أن يريد أني أؤديها عنه. يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في عقيب ذلك:"إن العم صُنْوُ الأب". وقيل: معنى قوله "علي" أي له زكاة عامين قدَّمها. وهذا التأويل إنما يصح على قول من يرى جواز تقدم الزكاة قبل حولها. وأما رواية "هي له" فيقرب معناها من رواية "علي". وأما رواية "هي عليه ومثلها" فيحتمل أن يكون أخَّرهَا - صلى الله عليه وسلم - عنه إلى عام آخر تخفيفاً ونظراً. وللإِمام تأخير ذلك إذا أداه الاجتهاد إليه.
وأما رواية "صدقة عليه" فبعيدة لأن العباس من الأقارب الذين لا تحل لهم الصدقة، إلا أن يقال: لعل ذلك من قبل تحريم الصدقة على النبيء