للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحتمل أن يريد الغِنَى النافع والذي يكفُّ عن الحاجة، وليس ذلك على ظاهره لأنه معلوم أن الكثير المال غنيٌّ.

٤٠٣ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أخْوَفُ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ الله لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا! قالوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا؟ قَالَ: بَرَكَاتُ الأرْضِ. قَالُوا: وَهَلْ يَأتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ " الحديث (ص ٧٢٧).

قال الشيخ: قولهم: "هل يأتي الخير بالشر؟ " ربما وقع كالمعارضة التي تُطْلَبُ بها الفائدة ويسرع إلى النفوس قبولها لمضادة الخير للشر (٥٥) فيمكن أن يكون علم (٥٦) عليه السلام أنهم لم يفهموا قصده فقال: "لا يأتي الخير إلا بالخير" (٥٧). ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ خَيْرٌ هُوَ؟ " كَأنَّهُ يقول: وإن سلمت قولكم فليس هذا بخير لما يؤدي إليه ويوقع فيه.

ثم ضرب عليه السلام مثلا يشير إلى حالة البَطِرِ والمقتصد والمكثر الذي يفرق ما جمع على صفة ينتفع بها فقال عليه السلام: "إن مِمَّا يُنْبِت الرَّبيع مَا يَقْتل حَبَطًا أوْ يُلِمُّ" كأنه قال: أنتم تقولون: إن الربيع خير وبه قوام الحيوان وها هو منه ما يقتل للتخمة عاجلاً أو يكاد (٥٨) يقتل، فحالة المتخوم كَحَالةِ البطر الذي يجمع ولا يصرف، فأشار بهذا إلى أن الاعتدال والتوسط في الجمع أحسن. ثم خشي أن يقع في النفس أن من المكثرين من لا ينفعه إكثاره، فضرب لهم المثل بآكلةِ الخَضِر وشبهها بمن (٥٩) يجمع ثم يفرقه في وجوه المعروف. ووصف - صلى الله عليه وسلم - هذه الدابة بأنها تأكل حتى تمتلىء خاصِرَتاها ثم تَثْلِطُ فذكر أنها تمتلىء في أوّل ذكره لها لما كان التشبيه


(٥٥) في (ب) و (ج) "المضادة الخير للشر".
(٥٦) في (ج) "علم" ساقطة.
(٥٧) هذا ما جاء تصحيحاً بالهامش في (أ). وفي بقية النسخ "لا يأتي الخير بالشر".
(٥٨) في (ج) "أو كاد".
(٥٩) في (ج) "مِمّن".

<<  <  ج: ص:  >  >>