للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقتضي إفراده، ثم قال بعد ذلك: "ثم عادت فأكلت" ولم يقل: حتى امتلأت، كما قال أول مرة. وهذا يحتمل أن يريد به أنها تأكل من جنس الأكل الأول، فاستغنى عن إعادته (٦٠) هاهنا بالإشارة إليه. ويحتمل أن يريد أنها تعود إلى أكل معتدل. وكذلك حالة الجامع للمال في غالب الحال أنه يُفْني في جمعه أكْثَر عمره فإذا صَرَّفه ثم عاد إلى الكسب كان كسبه متوسطاً.

وقد قال الأزهري في هذا الحديث مَثَلان:

أحدهما: للمفرط (٦١) في الجمع المانع مِنَ الحق، وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن ممّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ" (٦٢)، وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر منه الماشية حتى تهلك.

والثاني: للمقتصد، وإليه الإِشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا آكلة الخَضِر" لأن الخضر ليست من أحْرار البقول. هذا معنى قول الأزهري في هذا الحديث.

قال الشيخ -وفقه الله-: روى هذا الحديث أبو سعيد الخدري فقال في طريق منه: "استقبلت الشمس ثلطت أو بالت واجترت". وقال في طريق آخر: "استقبلت الشمس ثم اجترت وبالت وثلطت". وهذا يوهم ظاهره الاختلاف وليس بمختلف لأن الحديثين جميعاً تضمناً أنها اجترت بعد استقبال الشمس.

ففي الأول منهما: ذكر بَوْلَها قبل أن تجتر.

وفي الثاني منهما: ذكره بعد الاجترار ولكن بحرف الواو التي لا توجب الرتبة وإنما حصل الترتيب في كون الاجترار وما عطف عليه بعد استقبال


(٦٠) في (ج) "إعادتها".
(٦١) في (ج) "المفرط".
(٦٢) في (ج) "ما يقتل خبصاً".

<<  <  ج: ص:  >  >>