للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البخاري: "لَا تُوَاصِلُوا فَأيُّكُمْ أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر" (١٦).

وقوله: "قالوا: إنّك تُواصل. قال: إنَّكمْ لَسْتُمْ فِيِ ذَلِكَ مِثْلِي إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فَاكْلفُوا مِنَ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُون". وهذا يحتمل أن يكون المراد به أن الله تعالى يخلق فيه من الشبع والريّ ما يخلقه في قلب من أكل وشرب، أو يكون على حقيقة في ذلك يطعمه جَلَّتْ قدرته ويسقيه كرامة له - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله في بعض طرقه: "أنزل فاجدح لنا". الجدح: خلط الشيء يغيره، والمجدحَة: المِلْعَقَة

وقوله: "فاكلفوا " قال صاحب الأفعال: كلف وجهه كلفا، وكلفت بالشيء كلافة: تحملت وبه أولِعْتُ.

٤٣٢ - قول عائشة رضي الله عنها: "كَانَ يُقَبِّلُنِي وَهْوَ صَائِمٌ وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَمَا كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إرْبَهُ" (ص ٧٧٧).

قال الشيخ: اختلف الناس في جواز القُبْلَة لِلصائم. ومن بديع ما ورد في جواز ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِم: أرَأيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ؟ " فأشار بذلك إلى فقه بديع، وذلك أن المضمضة قد تقرر عندهم أنها لا تنقض الصوم لأنهم كانوا يتوضئون وهم صيام، والمضمضة أوائل الشرب ومفتاحه كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع، فكما ثبت عندهم أن أوائل (١٧) الشرب الذي هو المضمضة لا يُفسد الصوم فكذلك أوائل الجماع الذي هو القبلة لا تفسد (١٨) الصوم.


(١٦) في (ج) "إلى السحر".
(١٧) في (ب) و (ج) "أوّل".
(١٨) في (ج) "لا يفسد".

<<  <  ج: ص:  >  >>