للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رمضان قَضَى أخْذًا منه بظاهر الآية وبهذا الحديث. وجمهور العلماء على خلاف هذا المَذْهَب، وقد اختلفوا: هل الصوم أفضل أم الفطر، أم هما سواء؟ فقيل: الصوم أفضل، لما ورد في ذلك من صومه - صلى الله عليه وسلم - هو وعبد الله بن رواحة، ولغير ذلك من الأحاديث ولقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (٣٦) فعمّ. وقيل: الفطر أفضل للحديث المتقدم، وهو قوله عليه السلام: "ليس البِرُّ أنْ تَصُومُوا في السفر"، ولقوله في هذا الكتاب: "هي رخصة من الله فمن شَاءَ أخذ بها فحسنٌ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح"، فقد جعل الفطر حَسَنا والصوم لا جناح فيه. فهذه إشارة إلى تفضيل الفطر على الصوم. وقيل: بل الصوم والفطر (٣٧) سواء لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي سأله عن الصيام في السفر: "إن شئت فصم وإن شئت فَأفْطِرْ".

قال الشيخ: أما احتجاج المخالف على أن الصوم في السفر لا يجزىء بالحديث المتقدم وهو: "ليس البر أن تصوموا في السفر" فإنا نقول: هو عموم خرج على سبب، فإن قلنا بقصره على سببه كما ذهب إلى ذلك بعض الأُصوليين لم يكن له فيه حجة، وإن لم نقل بقصره قلنا: يحتمل أن يكون المراد به لمن كان على مثل حال ذلك الرجل وبلغ به الصوم إلى مثل ذلك المبلغ. ويحمل على ذلك بالدليل الذي قدمناه في فضيلة الصوم، أو يحتمل أن يريد: أن ليس للصوم فضيلة على الفطر تكون برًّا.

٤٣٧ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لما وجد اليهود يصومون عاشُورَاءَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم فَصَامَهُ - صلى الله عليه وسلم - وأَمَرَ بِصِيَامِهِ" (ص ٧٩٦).

قال الشيخ: خبر اليهود غير مقبول، فيحتملِ أنْ يَكُونَ - صلى الله عليه وسلم - أُوحي إليه بصدقهم فيما حكوا من قصة هذا اليوم، أو يكونَ قد تواتر عنده عليه السلام


(٣٦) (١٨٤) البقرة.
(٣٧) في (ج) و (د) "وقيل: بل الفطر والصَّوْمُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>