ولمالك أيضاً حديث جابر -رحمه الله- وهو قد استقصى فيه ما جرى في حجته عليه السلام، وذكر فيه الإِفراد (ص ٨٨١).
ومما يُرجح به الإِفراد أن الخلفاء بعده - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم أفردوا ولو لم يكن -عليه السلام- مفردًا لم يواظبوا على ذلك ويتفقوا على اختيار الإِفراد، إذ لا يتركون فعله عليه السلام ويفعلون خلافه، ولأن الإِفراد لا جبران فيه فكان أفضل مما يجبر بالدم.
٤٧٦ - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لصفية رضي الله عنها: عَقْرَى حَلْقَى"(٤٢)(ص ٨٧٧).
معناه: عقرها الله وأصابها بوجع في حلقها. وهذا ظاهره الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة. وهذا من مذهبهم معروف، قال أبو عُبَيْد: صوابه عَقْرًا حَلْقًا لأن معناه: عقرها الله عقرًا. قال غيره: مثل سقاه سقيا ورعاه رعيا. وقيل:"عَقْرَى حَلْقَى" بغير تنوين صواب لأن معناه جعلها الله كذلك فالألف فيهما للتأنيث مثل: غَضْبى وحُبْلى. وقيل:"عَقْرى" أي جعلها الله عاقرا، و"حَلْقَى" من قولهم: حلقت المرأة قومها بشومها.
٤٧٧ - قول عائشة رضي الله عنها:"خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نُلَبِّي لَا نَذْكُرُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً"(ص ٨٧٨).
قال الشيخ: يحتمل أن يكون قولها: "لا نذكر"، أي لا ننطق بذلك. وهذا كمذهب مالك أن النية تجزىء في ذلك دون النطق. ويحتمل أن يكون أرَادَتْ عَقَدَتْ إحراما مبهما. وهذا أحد التأويلات أيضاً في إحرامه - صلى الله عليه وسلم - في حجته أنه كان أولاً مبهما حتى أوحي إليه بتعيين ذلك على الخلاف المذكور فيه. والأظهر من التأويلين الأول، وأنها أرادت النطق لأنها ذكرت فيما تقدم أنها كانت أهَلَّت بعمرة فيبعد تأويلُ الإِبهام مع هذا.
(٤٢) في (أ) جاء شكل "حُلقى" بضم الحاء والصواب فتحها.