للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبأنَّ ذلك يوجب أن يتعلق بها ما يتعلق بالحرة من الأحكام على صاحب الفراش.

وهذا الذي قاله غير صحيح لأن الحرة إنما تراد للوطء خاصة، فالعقد على نكاحها أنزل في الشرع منزلة وطئها لمّا كان هو المقصود به، والأمة تشترى لأشياء كثيرة غير الوطء فلم يجعل العقد عليها يصيّرها فراشا فإذا حصل الوطء ساوت الحرة ها هنا فكانت فراشا. وهذا هو الجواب عن السؤال الثالث الذي ذكرناه وهو التفرقة بين الحرة والأمة في الفراش. وهذا التعليل قاد بعض شيوخنا إلى أن زعم أن الشاب العَزْب إذا اشترى جارية عَلِيَّة لا تراد غالبا إلا للتسرّي وفهم أن ذلك غرضه منها وظهر من الحال أنه سَلَك بِهَا مسلك السُّريّة فإنها تكون فراشا وان لم يثبت وطؤها، ورأى أن هذه الأوصاف تُلْحِقها بالحرة وترتفع معها العلة المفرقة بين الحرة والأمة.

وتعلق بعض الشيوخ في نُصرة هذا المذهب بما وقع في كتاب العدة من المدونة في أمّ الولد إذا مات زوجها وسيّدها ولم يُدْرَ أوَّلُهُمَا مَوْتًا فإن عليها أقصَى الأجَلَيْن مع حيضة إذا كان بين الموتين أكْثَر من شهرين وخمس ليال، ورأى أنه إذا أمكن أن تحل لسيدها علَّق على ذلك الحكم المتعلق بوطئها. وانفصل بعضهم عن ذلك بأن أم الولد قد صارت كخزانة لسيدها بما تقدم من استيلادها فلهذا لم يعتبر اعترافه بالوطء بعد رجوعها إليه عن عصمة زوجها بخلاف الأمة التي لَم تَلِدْ قط.

وقد تنازع في هذا الحديث أصحاب أبي حنيفة وأصحاب مالك فقال أصحاب مالك: فإن الولد ها هنا ألحق بزمعة ولم يثبت أن هذه الأمة ولدت منه فيما قبل فدلَّ ذلك على بطلان قول أبي حنيفة: إن الولد لا يلحق إلا إذا تقدمه ولد مستلحق. وقال أصحاب أبي حنيفة: فإن هذا الحديث لا حجة لكم فيه لأنه لم يذكر أيضًا أن زمعة اعترف بوطئها وإنما ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - ألحقه

<<  <  ج: ص:  >  >>