مسلم عن ابن سِيرِين أنه أقام عشرين سنة يحدثه من لا يتهم أنه طلقها ثلاثا حتى لقي الباهلي، وكان ذا ثَبْت فحدثه عن ابن عمر أنه طلّقها تطليقة. وقد نص مسلم على أنها تطليقة واحدة من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر.
وأمرُهُ بمراجعتها واجبٌ عندنا خلافا لأبي حنيفة والشافعي، ولا حجةَ لهما إنْ قالا: فإن الآمِرَ لابن عمر بالمراجعة أبوه -رضي الله عنه- ولَيْسَ لأبيه أن يضع الشرع لأن أباه إنما أمره بأمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - فهو مبلغ إليه أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم -.
ومما يسأل عنه في هذا الحديث أنْ يقال: لِمَ أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخّر الطلاق إلى طهر آخر بعد هذا (٢) الطهر الذي يلي حيضة الطلاق؟
وأجاب النَّاس عن هذا بأجوبة كثيرة:
أحدها: أن الطهر الذي يلي الحيض والحيضةَ التي قبله الموقع فيها الطلاق كالقُرْءِ الواحد فلو طلق فيه لصار كموقع طلقتين في قرء واحد، وهذا ليس هُو طلاق السنة.
والجواب الثاني: أنه عاقبهُ بتأخير الطلاق تغليظا عليه جزاءً عما فعله من المُحرَّم عليه، وهو الطلاق في الحيض. وهَذَا معتَرض لأن ابن عمر لم يكن يعلم الحكم ولا تحقق التحريم فتعمد ركوبه، وحاشاه من ذلك فلا وجه لعقوبته.
والجواب الثالث: أنه إنما أمره بالتأخير لأن الطهر الذي يلي الحيضة الموقع الطلاق فيها ينبغي أن ينهى عن الطلاق فيه حتى يطأ فيه فتتحقق الرجعة لئلا يكون إذا طلق فيه قبل أن يمس كمن ارتجع للطلاق لا للنكاح. واعتُرِض هذا بأنه يوجب أن ينهى عن الطلاق قبل الدخول لئلا يكون نكع أيضًا للطلاق لا للنكاح.