والجواب الرابع: أنه إنما نُهي عن الطلاق في هذا الطهر ليطول مُقامه معها، والظن بابن عمر أنه لا يمنعها حقها من الوطء فلعله إذا وطئها ذهب ما في نفسه منها من الكراهة وأمسكها ويكون ذلك حرصا على ارتفاع الطلاق وحَضّا على استبقاء الزوجية. وذكر ها هنا في الحديث:"وإن شاء طلق قبل أن يمَسّ، والطلاق في الطهر يُكره إذا مَسّ فيه. والعلة في ذلك أنه فيه تلبيس فلا يُدرى: هل حملت فتكون عدتها الوضع، أم لم تحمل فتكون عدتها الأقراء؟ وقد تظهر حاملاٌ فيندم على الفراق. وقد ذهب بعض الناس إلى أنه إذا فعل أُمِر بالرجعة كما يؤمر بها من طلق في الحيض.
واختلف المذهب عندنا إذا لم يرتجعها المطلق في الحيض حتى جاء الطهر الذي أبيح له الطلاق فيه: هل يجبر على الرجعة فيه لأنه حق عليه فلا يزول بزوال وقتة، أم لا يجبر على ذلك لأنه قادر على إيقاع الطلاق في الحال فلا معنى معه للارتجاع؟
٦١٨ - وقوله: "فَتِلْكَ لِلعدّة التي أمر الله أن يُطلَّق لها النساء" (ص ١٠٩٣).
فيه دلالة لقول مالك: "إن الأقراء التي تعتدّ بها المرأة هي الأطهار خلافا لأبي حنيفة في قوله: إنها الحِيَض، لأنه قال: فإن شاء طلق، يعني عند طهرها"، ثم قال: "فتلك العدة التي أمر الله أن يطلّق لها النساء". ومعنى "لها" أي فيها فأثبت -عليه السلام- الطهر عدة ولا تعلق لهم بقوله "فتلك" وأن هذا لفْظ (تأنيث فيحمل على الحيضة وأنه لو كان المراد الطهر لقال: فذلك، لأن المراد ها هنا)(٣) تأنيث الحالة أو تأنيث العدة. وكذلك تعلّق أيضًا من تعلق من أصحابنا بدخول الهاء في الثلاث في