للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما يستباح بغيره فماذا يكون هذا الغير؟ قصره الشافعي على الأقوال النطقية، وقصره أصحابنا على القصد.

وأشار بعض المتأخرين من شيوخنا إلى ترك التعويل على القصد بمجرده دون أن يُضَاف قول نفسي، وهو إيجاب الارتجاع في النفس فيكون الاختلاف على طريقة هذا الشيخ بيننا وبين الشافعي في تعيين القول ونحن متفقون على إثبات أصله فيقول الشافعي: القول النطقي، ونقول نحن: القول النفسي إذا صدر (١٤) عنه ما يدل عليه من الأحوال التي أشرنا إليها، ومختلف معه (١٥) في الفعل على حسب ما قدمناه.

والإشهاد على الرجعة، اختلف الناس فيه أيضًا: هل يجب أم يستحب؟ ومدار الاختلاف على قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١٦).

فالأمر بالشهادة ورد (١٧) بعد جملتين: فهل يعود إلى أقربهما إليه أو إليهما جميعا على اختلاف أهل الأصول في هذا الأصل؟ فَمَنْ رأى عود مثل هذا على أقرب المذكورات لم يكن في الآية دلالة على إثبات الإشهاد على الرجعة فضلا عن تفصيل حكمه. ومن رأى أن مثل هذا يعود إلى سائر الجمل وقَال بأنَّ الأمر مجرده على الندب استحب الإشهاد على الرجعة، ومن قال: مجرده على الوجوب أوجب الإشهاد على الرجعة وإن عورض بأن الإشهاد على الطلاق وهو أقرب المذكورين على الندب قال: خروجه بدليل (١٨) لا يوجب خروج الجملة الأولى عن الأصل.


(١٤) في (ج) "صار".
(١٥) في (ج) "إليها جميعا ويختلف منعه".
(١٦) (٢) الطلاق.
(١٧) في (د) "وقع".
(١٨) في (ج) "بدليل الخطاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>