للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الرواية أصَحُّ من روايتهم "أن ركانة طلق امرأته ثلاثا" لأنها رواية أهل بيت ركانة وهم أعلم بقصة صاحبهم. وإنما روى الرواية الأخرى بنو رافع ولم يَسْمَعُوا. ولعلهم سمعوا أنه طلّقها البتة وهم يعتقدون أن البتة هي الثلاث كرأي مالك فيها فعبروا عن ذلك بالمعنى وقالوا: طلقها ثلاثا لاعتقادهم أن البتة هي الثلاث.

وأما حديث ابن عمر فقد ذكرنا أن الصَّحيح منه أنها واحدة وقد ذكر ذلك مسلم من طريقين.

وأما قول ابن عباس: "كان طلاق الثلاث واحدة على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم -: فقال بعض العلماء البغداديين: المراد به أنه كان المعتاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطليقة واحدة وقد اعتاد الناس الآن التطليق بالثلاث، فالمعنى: كان الطلاق الموقع الآن ثلاثا يُوقع بواحدة فيما قبل إنكارًا لخروجهم عن السنة.

ورواية أبي الصهباء في أحد الطريقين: "أتعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة"؟ تحتمل أيضًا هذا المعنى الذي قاله هؤلاء وإن كان هذا اللفظ الثاني أبعد من الأول قليلاً لقوله: كانت الثلاث تجعل واحدة ولكن يصح أن يريد كانت الثلاث الموقعة الآن تجعل واحدة، بمعنى توقع واحدة.

وقال آخرون يمكن أن يكون المراد به فيمن كَرَّر لفظ الطلاق فقال: أنتِ طالق أنت طالق، فإنها كانت عندهم محمولة في القديم على التأكيد فصار الناس الآن يحملونه على (التجديد) (٢٦) فألزموا ذلك لقصدهم له.

وقد زعم بعض مَن لا خبرة له بالحقائق أن ذلك كان ثم نُسخ. وهذا غلط فاحش لأن عمر -رضي الله عنه- لا ينسخ ولو نسخ -وحاشاه منه- لبادرت الصحابة إلى إنكار ذلك عليه. وإنْ كان يريد أنه نسخ في


(٢٦) في (أ) "على التحديد"، ولعلّه يقصد بالتحديد تحديد عدد الطلقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>