للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معناه جعل نفسه عَلَمًا لذلك الأمر، ومنه قيل: أشراط الساعةِ بمعنى علاماتِها، ومنه سُمُّوا أصحاب الشرط لأنه كان لهم في القديم علامات يُعرفون بها. ومنه: الشرط في كذا، بمعنى أنه عَلَمٌ عليه. وقال آخرون: إنّما المراد بهذا الزّجر والتوبيخ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ بَيِّن لهم أن هذا الشرط لا يحلّ فلما أخذوا يتقاحمُونَ على مخالفته قال لعائشة هذا اللفظ، بمعنى لا تبالي بشرطهم لأنه باطل مردود وقد سبق بياني لهم ذلك لا على معنى الإِباحة لها والأمر لها بذلك، وقد ترد لفظة افعل وليس المرادُ بها اقضاءَ الفعل ولا الإِذن فيه كما قال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (٢٨) و {كُونُوا حِجَارةً أوْ حَدِيدَا} (٢٩).

وأما الوجه الثالث فإنه الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق". ولا خلاف بين الُعلماء في مُعْتِق عبده عن نَفْسِهِ أن وَلَاءَهُ لَهُ. واختلفوا إذا أعتقه عن غيره رجلٍ بعينه أو عن جميع المسلمين، فمذهبنا (٣٠) أن الولاء للمعتَقِ عنه كان رجلاً بعينه أو جماعة المسلمين. وقال ابن نافع من أصحاب مالك في المُعتق عن جماعة المسلمين: إن الولاء له دونهم. قال بعض شيوخنا: ويلزمه على ما قال أن يقول بمذهب المخالف: إن الولاء للمعتق وإن أعتق (عن رجل بعينه. واحتج من رأى أنّ الولاء للمعتق وإن أعتق) (٣١) عن غيره بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق" فعمَّ. وحمله مالك على أن المراد به: من أعتق عن نفسه، بدليل أن الوكيل إذا أعتق بإذن موكّله على العتق كان الولاء لمن وكّله وإن كان هو المعتق.

وقد وقع هنا سؤال مشكل، وهو: لو قال: أنت حرّ ولا ولاء لي عليك.


(٢٨) (٤٠) فصلت.
(٢٩) (٥٠) الإِسراء.
(٣٠) "فمذهبنا" ساقط من (ب).
(٣١) ما بين القوسين ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>