للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما ابن القصار فالتزم في هذا السؤال أن يكون الولاء للمسلمين. ونَّزل هذا القول منزلة قول القائل: أنت حر عن المسلمين. وكان بعض شيوخنا يخالفه في هذا ويرى أن بقوله: أنت حر، استقر الولاء له، واستئنافه بعد ذلك جملة ثانية هي قوله: "ولا ولاء لي عليك" لا يُغيّر حكم الجملة الأولى لأنه إخبار على أن حكم الجملة الأولى المستقرة بالشرع على خلاف ما حكم الله تعالى به، فيكون إخباره كذبا وفتواه باطلا، والباطل والكذب لا يلتفت إليه ولا يُعَوَّل في مثل هذه الأحكام عليه.

وأما الوجه الرّابع من الكلام على هذا الحديث فقوله: "فخيّرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان زوجها عبدًا" فلا خلاف بين أهل العلم في أن الأمة إذا عتقت تحت عبد أن لها الخيار في فسخ نكاحه.

واختلف الناس في الحر (٣٢) هل تخير إذا اعتقت تحته؟ فعندنا لا تخَيَّر لأن هذا الحديث قد ذكر فيه ها هنا أن زوجها كَان عَبْدًا والأصل ثبوت الأنكحة ولا سبيل إلى إثبات الفسخ عند طريان حوادث إلَاّ بشرع يدل على ذلك، وقد دل ها هنا عَلَى العَبْد فبقيَ الحر على الأصل.

وأما المخالف الموجب لها الخيار وإن كان زوجها حرًّا فتعلق برواية من روى أن زوجها كان حرّا. ونحن نرجّح مذهبها عليه بأن نقول: راوي حال هذا الزوج ابن عباس وعائشة، فأما ابن عباس فلم يختلف الرواة عنه أنه قال: كان زوجها عبدا. وأما عائشة فاختلفت الرواة عنها هل قالت "عبدا أو حرا؟ " والذي لا اختلاف عنه أولى أن يُتعلق بروايته من رواية من اختلف عنه.

وأما وجه الخلاف من جهة الاعتبار والمعنى فإن مالكا رأى أن العلّة ما يدركها من المعَرَّة لما صارت حرة يكون زوجها عبدًا وإذا كان زوجها حرا


(٣٢) في (أ) "الحرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>