أظن أن عثمان البَتّي سلك في إجازته بيع كل شيء قبل قبضه إلا هذه الطريقة وإن كان مذهبنا انفرد به. وهذا شاذ عند العلماء أضرب عن ذكره كثير منهم. وإذا وضح مأخذ كل مذهب من هذه المذاهب فينفصل أصحابنا عن تعلق الشافعي بقوله:"نهى عن رَبْح ما لم يضمن بجوابين".
أحدهما: أن يحمل على بيع الخيار وأن يبيع المشتري قبل أن يختار.
والثاني: أن يحمل ذلك على الطعام ويخص عموم هذا إذا حملناه على الطعام بإحدى طريقتين: إمّا دليل الخطاب من قوله: "نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى" فدل على أن ما عداه بخلافه، أو يخص بما ذكره ابن عمر من:"أنهم كانوا يبيعون الإِبل بالدراهم ويأخذون عنها ذهبا أو بالذهب ويأخذون عنها دراهم". وأضاف إجازة ذلك إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وهذه إجازة ربح ما لم يضمن في العين. ونقيس عليه (٤٧) ما سِوَى الطَّعَام ويخص به النهي عن ربح ما لم يضمن. ويحمل قول ابن عمر الذي قدمناه على الاستحباب، والرواية التي فيها ذكر ضربهم يحمل على أنه فعل ذلك حماية للذريعة أو على أنهم اتخذوا ذلك عِينةً ممنوعة.
٦٦٠ - وقول أبي هريرة لِمَرْوان:"أحْلَلْتَ بَيْعَ الصِّكَاكِ"(ص ١١٦٢).
يُريد صكوك الجار المذكورة في المدونة، وهي كُتب يكتب لهم فيها طعام يأخذونه. والصكاك والصّكوك جمع صَكّ وهو الكتاب.
٦٦١ - قوله:"نَهَى عن بيع الصُّبرة من التّمر لا يعلم مَكيلَتُها بالكَيْل المُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ"(ص ١١٦٢).