للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا كله لأنا إن قلنا إن ذلك تسمية للزرع الأخضر فكأنه نُهِي عن بيعه بالبر، إذْ بيعه بالعروض والعين يجوز إذا كان معلوما، وكأنَّ المحاقلة تدل على ذلك لأنها مفاعلة. ولذلك (٨١) قال أبو عبيد في تفسيرها: إنها بيع الطعام في سنبله بالبر. وظن الآخَرُون أنها بيعه قبل زهوه فكأنه قال: نهي عن بيع الزرع الأخضر. وهذا يطابق قوله: "نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيضَّ". فهذه طريقة من صرف التسمية إلى الزرع الأخضر.

ووقع الاختلاف بينهم: هل المراد بيعه وهو أخضر قبل زهوه أم المراد بيعه في سنبله بقمح آخر لا يعلم حصول التماثل بينهما؟ والوجهان ممنوعان إذا بيع في الوجه الأول على التَّبْقِيَة. وطريقة مَن صرفه إلى الأرض نفسها اختلفت أيضًا: هل المراد اكتراؤها بالحنطة أم اكتراؤها بالجزء مما تنبت. والوجهان أيضًا ممنوعان عندنا. وخالفنا في جواز ذلك غيرنا من العلماء. وسنتكلم عليه فيما بعد إن شاء الله.

وأما قوله: "أرْخِصَ في العَرِيَّة".

فقد اختلف الناس في حقيقتها: فمذهبنا أنها هبة الثمر ثم اشتراؤه بتمر إلى الجدَاد (٨٢) يفعل ذلك للرفق بمُعْرَاهَا وحملِ المؤونة عنه، ويفعل ذلك لنفي تجشم المشقة بدخوله وخروجه للحائط. وعند الشافعي أنها النخلة يبيع صاحبُها رُطَبَهَا بتَمر إلى الجدَاد على ما وقع مِنْ تفسير يحيى ها هنا في كتاب مسلم.

وفي بعض الروايات: "أنّهم شَكَوْا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أنّهم لا ثمر عندهم وعندهم فضول أقولهم من التمر فأرخص لهم بأن يشتروا بذلك الرطب


(٨١) "ولذلك" ساقطة من (ب).
(٨٢) في (ب) "إلى الجذاذ" بالذال المعجمة وكذلك فيما بَعْد.

<<  <  ج: ص:  >  >>