للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما ما ذكرنا أنه وقع في بعض الطرق ها هنا أنه أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك، فهذا مخالف في ظاهره لما أصَّلْناه لأنه لا يجوز بيعها بالرطب وإنما هي رخصة فلا تجوز إلا على ما وردت به. وجل الأحاديث لم يذكر فيها إلا شراؤها بالتمر، وهذا الذي وقع ها هنا بالرطب أو بالتمر لو تركنا. ومقتضى اللسان لاحتمل أن يكون شكا من الراوي: هل قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالرطب أم قال بالتمر؟ وشك الراوي يمنع من التعلق به في الرطب.

وقد وفي غير كتاب مسلم: "عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في بيع العرايا بالتمر وَالرطب"، بخلاف ما رواه مسلم: "عن سالم بن عبد الله عن زيد بحرف (أو) ". وقد قال بعضَ أصحابنا في حديث خارجة: هو حديث انفرد به راويه. وجاء بخلاف سائر الأحاديث وذلك يقدح فيه. وأشار بعض أصحابنا إلى حمله على الوجه الجائز المطابق (٨٤) لسائر الأحاديث وأن المراد بهذا اللفظ شراء الرطب ليؤكل بالتمر، ويكون المعنى على قولهم أنه قصد إلى ذكر الجنسين الْمتبايَع بهما على الجملة، وكأنَّ العرايا وقع فيها التبايع بالرطب والتمر أحدهما بالآخر، ولكن الصفة التي يقع ذلك عليها يؤخذ بيانها من الأحاديث الأُخر.

وأما شك الراوي في الخمسة الأوسق فعندنا اختلاف في جواز البلوغ إليها، وقد قال بعض المخالفين: إذا شك الراوي بين خمسة فما دون فلا وجه للتعلق بروايته في تحديد مقدار ما دون الخمسة. ولكن وقع في بعض الروايات أربعة أوسق فيوجب الانتهاء إلى هذا المتيقّن (٨٥) وإسقاط ما زاد عليه. وإلى هذا المذهب مال ابن المنذر وألزم المزني الشافعي أن يقول به.


(٨٤) في (ب) "المطلق".
(٨٥) في (ب) "المبيّن".

<<  <  ج: ص:  >  >>