للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا أن يُشْتَرط عليه، خلافا للحسن البَصْري والزهري في قولهما: إن المال يتبع العبد في البيع وهذا الحديث يرد عليهما.

والوجه الثاني: العتق وما في معناه من العقود التي تفضي إلى العتق وتُسْقط النفقة عن السيّد كالكتابة، فالمال للعبد إلَاّ أن يشترطَ، خلافا لأبي حنيفة والشافعي أنه للسيد في العتق. ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعتق عبدا وله مال فماله لَهُ إلا أن يشترطه السيِّد". فنحن نعيد الضمير في قوله "له" على العبد لأنه المذكور نطقا. وإنما ذكر السيد بكناية عنه ترجع إليه عند قوله "من أعتق" فلا بُدَّ أن يضمر عقيب قوله "أعتق" عائدٌ يعود إلى "السيّد" بحكم مقتضى لفظة "مَنْ" وعَوْد الضمير والكناية على الصريح أولى من عوده على الكناية والإِضمار، ولأن الكناية يملك بها ماله وهي سبب العتق فنفس العتق أولى.

والوجه الثالث: الجناية فالمال فيها يتبع الرقبة وينتقل بانتقالها.

والوجه الرابع: الهبة والصدقة، وفيهما. قولان عندنا، وإنما اختلف فيهما لأخذهما شَبَهًا من العتق الذي يتبع العبدَ فيه المالُ، وشَبَهًا من البيع الذي لا يتبعه فيه، فالبيع خرج من ملك إلى ملك بعوض على جهة الاختيار، والعتق خرج من ملك إلى غير ملك بغير عوض، والهبة خرجت بغير عوض فأشبهت العتق، ومن ملك إلى ملك فأشبهت البيع.

ويجوز عندنا أن يشترطه المشتري وإن كان عينا والثمن عَيْنٌ (٩٤) وكأنَّه لا حصة له (٩٥) من الثمن فلا يدخله الربا. وهذا على أنه اشترطه للعبد وأبقاه على ملكه فكأنَّه لم يملك هو عينا دفع عوضها عينا أخرى، ولو اشترطه لنفسه ما جاز لتحقيق الربا حينئذ وصار كمن اشترى سلعة وذهبا بذهب، وذلك لا يجوز.


(٩٤) في (ب) "عينا".
(٩٥) في (ب) "لا حظ له".

<<  <  ج: ص:  >  >>