للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاعلَمْ أن كُلَّ حيوان ليس بنجس ولا ذي حرمة وينتفع به في الحال أو في المآل (٢٨) فإن بيعه جائز. وإنما قلنا "ليس بنجس" لأن الشافعي لما رأى الكلب نَجسا وجب أن يكون ذلك عنده علة في منع بيعه. ولهذا نَهَى عن بيع رجيع ابن آدم لنجاسته. وقد أشرنا في العَقْد الماضي إلى الكلام عليه. وإنَّما قلنا: "ولا ذي حرمة" احترازا من أم الولد والمكاتب والمعتق إلى أجل والمدبَّر. وإنما قلنا: "ينتفع به في الحال" لئلا يكون من الحشرات وغيرها مما لا منفعة فيه. واحترزنا بقولنا: "وفي المآل" (٢٨) من صغار العبيد الذين لا يقدرون على السعي الآن، فبيعهم جائز لما يرجى من المنفعة بهم في المستقبل وقد جعل الشرع هذا الرجاء للمنفعة قائما مقام حصول المنفعة في الحال.

وأما بيع العبد المستأجر والمخدَم سنين وإن كان فيه منفعة في المآل فالمنع هناك لعلة أخرى ليس هذا موضع بسطها. ولا شك أن الكلب الَّذِي لا يحل كسبه واقتناؤه لا يجوز بيعه لأن بيعه حينئذ كالمعاوضة على ما لا منفعة فيه، وقد تقدم بيان المنع من ذلك (٢٩).

وإن كان مما يحل اقتناؤه لزرع أو ضرع أو صيد فمن أصحابنا من كره بيعه لهذا الحديث وقال: ليس إباحة المنفعة تجيز (٣٠) المبايعة كأم الولد ينتفع بها ولا تباع. ومن أجاز بَيْعَه منهم حَمَل هذا الحديث على ما لا يحل اقتناؤه واتخاذه. وقد قدمنا أنه لا يجوز بيعه أوْ حَمَلَهُ على أنه كان حين أَمر بقتل الكلاب فلما وقعت الرخصة في كلب الضرع وما ذكر معه وأجيز اقتناؤه وقعت الرخصة في بيعه.


(٢٨) في (ج) "أو في المَآل".
(٢٩) في (أ) "عن ذلك".
(٣٠) في (أ) "يجيز".

<<  <  ج: ص:  >  >>