للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشَّيخ: هذا الحديث جليل الموقع عظيم النَّفْع في الشرع حَتَّى قال بعض الناس: "إنه ثلث الإِسلام"، وذكر حديثين آخرين هما الثلثان الباقيان. وإنما نبه أهل العلم على عظم هَذَا الحديث لأن الإِنسان إنما تعبَّد بطهارة قلبه وجسمه فأكثر المَذامّ والمحظورات (٥٠) إنّما تنبعث من القلب فأشار - صلى الله عليه وسلم - لإِصلاحه ونبّه على أن إصلاحه (٥١) هو إصلاح الجسم، وأنه الأصل. وهذا صحيح يُؤْمن به حتَّى من لا يؤمن بالشرع وقد نص عليه الفلاسفة والأطباء، والأحكام والعبادات التي يتصرف الإِنسان عليها بقلبه وجسمه تقع فيها مشكلات وأمور ملتبسات التساهل فيها وتعويد النفس الجرأة عليها تُكسب (٥٢) فَسَاد الدِّين والعِرض فنبَّه - صلى الله عليه وسلم - على توقِّي هذه وضرب لها مثلا محسوسًا لتكون النفس له أشدَّ تصورا والعَقْل أعظم قبولا فأخبر -عليه السلام- أن الملوك لهم أحمية لا سيما وهكذا كانت العرب تعرف في الجاهلية أن العزيز فيهم يحمي مروجا (٥٣) وأفنية فلا يُتجاسَر عليها ولا يدْنى منها مهابة من سطوته أو خوفا من الوقوع في حَوْزَتِهِ (٥٤). وهكذا محارم الله سبحانه من ترك منها ما قرب فهو من توسطها أبعد، ومن تحامى طرف الشيء أُمِن عليه أن يتوسط (٥٥) ومن تَطرف (٥٦)، توسَّط. وهذا كله صحيح.

وإنما بقي أن نتكلَّم على هذه الشبهات فنقول: فقد أكثر العلماء من الكلام على تفسير المشتبهات ونحن ننبهك على أمثل طريقة (٥٧).


(٥٠) في (ب) "والمحذورات".
(٥١) في (أ) "على أن صلاحه".
(٥٢) في (أ) "يَكْسِبُ".
(٥٣) في (ج) "بروجًا".
(٥٤) في (ب) "في جورته".
(٥٥) في (ج) "أن يتوسَّطَهُ".
(٥٦) في (ب) و (ج) "من طرَّف".
(٥٧) في (ج) "أفضل طريقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>