للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاجتناب واجب، وقد تدق طرق الاشتباه وتضعف فيكون الاجتناب (٧٧) حينئذ مستحبًا غير واجب، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أتى بلفظ دالّ على استحباب التوقّي. ولا شك أن استحسان التوقي يعم جميعها ما لم تكن من الشكوك الفاسدة التي أشرنا إليها.

وقد يقال: هذه المشتبهات إما أن تكون حراما أو حلالاً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الحلَال بيّن وإنّ الحرام بَيّن" فإن كانت محرّمة فيجب أن تكون بيّنة على ظاهر قوله، وإن كانت محللة فيجب أن تكون بيّنة على ظاهر قوله أيضا. قيل: قد يقع منها ما هو مكروه وهو كثير فيها فلا يقال: إنه حرام بيّن لا حلال بيّن لا كراهة فيه (٧٨). وأيضا فقد يكون المراد ما استقر عليه الشرع من تحليل وتحريم مما نزل بيانه واضحا بيّنا (٧٩)، وإليه أشار بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحلالُ بيّن والحرام بيّن". ولا شك أن تحريم الربا (٨٠) والميتة والدم ولحم الخنزير بيّنٌ، ولا شك أنَّ تحليل الأكل من طيبات ما اكتسبنا، وتزويج النساء حلال بيّن، وإلى هذا وأمثاله أشار، وإن كانت المشتبهات لها أحكام ما، ولهذا قال: "لا يعلَمُهُنّ كثير من الناس" ولو كانت لا حكم لله فيها (٨١) لم يقل "لا يعلمهن (٨٢) كثير من الناس" لأن الكلَّ حينئذ لا يعلمونها.

وقد يدخل هذا الحديث في الاستدلال على حماية الذريعة وصحة القول به كما ذهب إليه مالك لقوله -عليه السلام-: "كالرّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أن يَرْتَع فيهِ".


(٧٧) في (ج) "الاشتباه" وهو تحريف.
(٧٨) فى (ج) "إلا كراهة فيه".
(٧٩) "بينا" ساقط من (ج).
(٨٠) في (ج) "الزنا".
(٨١) في (ج) "لا حكم إلا لله فيها".
(٨٢) "لا يعلمهن" ساقطة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>