للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثالث: أن يقال في الكلام حذفٌ، ومعناه: أخذناك لنفادي بك من حلفائك.

ويحتمل عندي جوابًا رابعا، وهو أن يكون جوابه على جهة المجازاة والمقابلة، لأنه لما قال له: بِمَ أَخذتني؟ وبِمَ أَخَذْتَ سابقة الحاجّ؟ لَان ذلك كان معظَّما عندهم قال - صلى الله عليه وسلم - له: "أَخذتك بجريرة حلفائك" لأنهم أيضاً كانوا يطالَبُنون بِعُهْدَةِ الحلفاء. (هذا الَأظهر من عادتهم، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عنده مستباحا فلما ذكر له سابقة الحاجّ ذكر له جريرة الحلفاء) (١٢) على جهة المقابلة على أصلهم.

ومما يُسْأَل عَنْهُ أيضاً من هذا الحديث أن يقال: "كيف قال له: إِني مسلم ثم فادى به" ومن أظهر الإِسلام قُبل منه من غير بحث عن باطنه. وقد وقع في أحاديث كثيرة الَأخذ بالظواهر في هذا والتنبيه على أنه لم يؤمر أن يبحث على ما في قلوب الناس.

قيل: أما الشافعي فإِنه أباح في أحد قوليه المفاداة بالأسير (١٣) إذا أسلم وَرَأى أنه لما كان للإِمام قَبل إِسلامه الخيار في المفاداة به لَم يسقط هذا الخيار في ذلك بعد إِسلامه. ويحتج بهذا الحديث.

وَأمَّا أصحابنا القائلون: إِن حكم الأسير إذا أسلم أن يُسترق فإِنهم قد يعتذرون عن المفاداة بهذا بأن يقولوا: يمكن أن يكون هذا من خصائص النبىء - صلى الله عليه وسلم - مع هذا الرجَّل، وَأوحى إليه فيه أنه غير مؤمن وأنه مستباح، أَلا ترى قولَه - صلى الله عليه وسلم - بعد هذا لما سألهُ أن يُطعمه ويسقيَه "هذه حاجتك".


(١٢) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(١٣) في (أ) "بالأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>