للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبالتضمين قال الشافعي، وبإسقاطه قال أبو حنيفة. وقال بعض المحققين من شيوخنا: إنّما ضمَّنَه من ضمَّنَهُ من أصحابِنا لأنه يمكنه النزع بالرفق حتى لا تنْقلع أسنان العاضّ، فإذا زاد على ذلك صار متعديا في الزيادة فضمِن.

وحمَلوا الحديث على من لم يمكنه النزع إلا بذلك الذي أدى لِسقوط الأسنان. وقال بعضهم: لعل أسنانه كانت متحركة فسَقَطت عقيب النزع. وهذا التأويل بعيد من ظاهر الحديث.

وكذلك اختلف الناسُ أيضاً في الجَمَلِ إذا سأل على رجل فدفعَهُ عن نفسه فقتله هل يضمن أم لا؟ وبِنَفْي التضمين قلنا نحن (٦١) والشافعي، وبإثباته قال أبو حنيفة. والحجة لنفي التضمين أنه مأمور بالدفع عن نفسه ومن فعل ما أمر به لم يكن متعديا ومن ليس بمتعد فلا يضمن في مثل هذا، وقياسا على ما لو قتل عبدًا في مدافعته إياه عن نفسه. ومن أثبت الضمان رأى أنه أحْيَا نفسه بإتلاف مال غيره، فأشبه من اضطُرَّ لطعام غيره فأكل منه خوف الموت فإنه يضمن.

والفرق عندنا بين السؤالين أن الأكلَ لطعام غيره ابتدأه (٦٢) من قبل نفسه ولا جناية من رب الطعام ولا من الطعام عليه فلهذا ضمِن. وفي الجمل لم تكن البداية منه بل بسبب الجناية عليه فلهذا لم يضمن. وأيضاً فإن الطعام ينوب غيره منابه في إحياء نفسه فكأن الضرورة فيه لا تتحقق فصار كمن أكل اختيارًا. ولا مندوحة له في الجمل ولا تنْفَعُهُ مُدَافعة غير ذلك الجمل ولا تنجيه فتحققت (٦٣) الضرورة، فهذان فرقان بينهما.

ومن هذا المعنى سؤال ثالث وهوَ لو رمى إنسان أحدا ينظر إليه في بيته


(٦١) "نحن" ساقطة من (أ).
(٦٢) في (ب) "ابتداء".
(٦٣) الذي في (ب) "ولا ينفعه غير ذلك فتحققت" وفي (ج) "بمدافعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>