وأما المدعون فتُمكِنُهم صيانَةُ أموالهم بالبينات، فلهذا استقر الحُكْمُ في الشّرع على ما هو عليه، وقد يتعلق بهذا الحديث من يوجب اليمينَ على المدَّعَى عليه من غير اعتبار خلطة أخذًا بعُمومِهِ وظاهره من غير تقييد بخلطة. ومذهبُ مالك مراعاتها لضربٍ من المصلحة، وذلك أنه لَوْ وجبت لكل أحد على كل أحد لابتذل السّفَهَاءُ العلماءَ والأفاضلَ بتحليفهم مرارا كثيرة في يوم واحد فجعَل مراعاة الخلطة حاجزًا من ذلك.
وقد يتعلق بهذا الحديث من يرى أن لا يقسم مع قول الميّت: دمي عند فلان، لأنه نبه في هذا الحديث على صيانة الدماء عن إِراقتها بالدعاوي. وقد قدمنا الكلام على هذا في القسامة.
٧٧٩ - قول ابن عباس:"إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قضى بِيَمِين وشَاهِدٍ"(ص ١٣٣٧).
قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الفقهاء في قبول الشاهد في بعض الحقوق والمطالب؛ فَنَفَى بَعْضهم قبوله أصلا، ورأى أن قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}(٤) فوجب الاقتصار على هذا المذكور في القرآن. وإِذا جاء هذا الحديث بخلافه وَسلم من القدح فيه باحتمال لفظه وأن القضية لم تُنقل صيغتها فَإِن ذلك زيادة على النص والزيادة على النص نسخ والنسخ لا يكون بأخبار الآحاد.
وأما نحن فإنا نقبل الشاهد واليمين في الأموال، ونرى أن الزيادة على النص لا تكون نسخا في كل موضع. وهذا من المواضع التي لا تكون فيها نسخا. وأظن أنا قدّمنا بسط القول في هذا الأصل. وإِذا ثبت قبولُهُ فُيقبل في المال المحض من غير خلاف عندنا ولا يقبل في النكاح والطلاق المحضين من غير خلاف. وإِن كان مضمون الشهادة ما ليس بمال ولكنه